استثمرت السعودية الكثير من الدماء، والوقت، والمال في اليمن ومن الصعب خوض جدال بشأن الانتقادات الموجهة إلى السعودية التي أوصلت الشرعية إلى مرحلة من الضعف، وجعل هيئاتها الحاكمة بعيدة عن الشعب الذي تمثله، وهذا يؤكد الحجة القائلة بأن اليمن لم تظل الطريق فحسب، بل دمرت مقومات مستقبلها أيضا .
وبالرغم من أن هناك من ينظر إلى الهزائم المتلاحقة في مختلف الجبهات والتي أوقفتها السعودية اعتقادا منها أنها تحقق بذلك مصلحتها، إلا أن ضرب أراضيها واستهدافها بالصواريخ البالستية تعد ضربة مروعة لمصداقية السعودية : مصداقيتها بوصفها حليفا وكذلك لمكانتها الأخلاقية في القضايا العربية، وكل ذلك لا يتوافق مع تصريحات قادة المملكة مع بداية عاصفة الحزم التي ذهبت إلى أن المعركة لن تأخذ أكثر من أسبوعين .
ما آلت إليه الحرب ترسم ابتسامة واسعة في طهران وربما في أبو ظبي والدوحة، بعد أن فشلت المملكة في الاختبار في اليمن، ولا يمكن لأي بلد أن يرى الكثير من الحماس لإعطاء السعودية الثقة مرة أخرى بعد أن تعرضت لتلك الانهيارات أمام جماعة الحوثي التي لو تم مواجهتها حقيقة لما صمدت أسابيع وليس شهوراً .
بسبب تلك الممارسة التي مارستها السعودية تجاه اليمن، فقد وفرت للحوثيين ملاذا آمنا ومكنتهم من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، كل ذلك سيجعلها تتحمل عواقب سلبية ستكون نتائجها كارثية لا محالة .
لا شك أن إيران سعيدة برؤية فشل السعودية في اليمن، هذا الفشل لا يرجع إلى ضعف لدى السعودية، بل يرجع إلى سوء تقدير في الإجراءات ورغبة في إطالة الحرب وعدم حسمها لقتل أي بادرة أمل في أن تستعيد اليمن دولتها، سوء التقدير هذا يعطي إيران فرصة لتوسيع نفوذها .
يجب أن تدرك السعودية أنها تحوي نسبة كبيرة من الشيعة الذين يوالون إيران على حساب السعودية، وتعثرها في اليمن سيتم استخدامهم من قبل إيران مثلما تم استخدم الحوثي في اليمن، لذلك من مصلحة السعودية حسم الحرب في اليمن لصالح الدولة، وحسمها يحتاج إلى تسليح الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، فعدم تسليحهم يطيل الحرب، وإطالة الحرب تخدم إيران وتخصم من رصيد السعودية في مختلف المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والأخلاقية .