نذر الهزيمة المدوية تلقن الإمارات درسا موجعا ، لا يعود السبب إلى قوة مليشيا الحوثي ، بقدر ما يعود إلى تلاعب الإمارات بالحرب ومجرياتها ، فمن مجريات الأحداث تبين أن الإمارات لم تأت إلى اليمن لمحاربة الحوثي ، فقد اتضح أنها تقف ضد من يقاتل الحوثي ، وذهبت بعيدا لدعم مليشيات انفصالية تحاول تقسيم البلاد .
للحرب أخلاقياتها ، وحدها الإمارات تساوت مع مليشيا الحوثي في عدم التخلق بأخلاق الحرب ، حينما هزمت مليشيا الحوثي في مأرب لجأت تلك المليشيا إلى قصف النساء والأطفال بالصواريخ ، وحينما استهدفت مليشيات الحوثي الإمارات بطائرات مسيرة ، لجأت الإمارات إلى قصف أسرة بكامل نسائها وأطفالها .
منذ أن أدخلت مليشيا الحوثي إلى صنعاء ، عمل تحالف دعم الشرعية على تنحية السؤال الأهم : من ساعد هذه المليشيات على الوصول إلى صنعاء ؟ وكيف تم ذلك ؟ ولماذا تم ؟ منذ ذلك الحين والتحالف عجز عن تقديم إجابات شافية حول أبعاد الجريمة ، فقد كان الحادث دمويا مروعا استثمرته السعودية والإمارات لإجهاض مشروع الدولة في اليمن وإجهاض التعددية السياسية .
تدخل السعودية والإمارات منح مليشيا الحوثي قبلة الحياة ، بعدما كادت تلفظ أنفاسها ، لكن غارات التحالف ساعدت على تماسك صفوف هذه المليشيات ورفعت منسوب تعاطف الشعب معها تحت ذريعة مواجهة العدوان الخارجي ، وبعد سبع سنوات مازالت اليمن بعيدة من استعادة الدولة والاستقرار .
لقد كان تدخل السعودية والإمارات بهدف احتواء الانقلاب ضاهريا ، أما الهدف الخفي ، فقد كان لكل دولة هدفها الخاص ، فالسعودية تريد إنهاء مشروع الدولة الديمقراطية في اليمن ، والإمارات أرادت أن تصنع مزيدا من الفوضى في وجه الشرعية اليمنية وأن تجعل أقدام السعودية تغوص عميقا في رمال اليمن المتحركة ، ولكي تحاصر جارتها عمان .
حاولت الإمارات أن تفر مبكرا من المعركة ، فأعلنت انسحابها من حرب اليمن بعد أن بنت مليشيات تعزز من خلالها الفوضى ، لكنها سرعان ما وجهت هذه المليشيات بالانسحاب من الحديدة ، وفي كلتا الحالتين كانت الإمارات تخون الشرعية ، وهاهي اليوم تشعر بالتقزم أمام تلك الضربات التي وجهت لها في عقر دارها ، فدهست سمعتها ونكلت بالمدنيين وهذا يؤكد أنها فقدت البوصلة السياسية .
يؤكد سلوك الإمارات أنها لا تريد لليمن الاستقرار ، وبات واضحا أنها تهدف إلى نشر الفوضى في اليمن لاستغلال هذه الفوضى ضد خصومها السعودية وعمان ، فهي لا تسعى إلى بناء دولة في اليمن ، ومن دون بناء دولة ، فإن الاستقرار لن يتم ، كما أن استخدامها للطيران في قتل المدنيين يساعد الحوثي على تعبئة اليمنيين في هذه الحرب ، وهزيمة الحوثي لا تقتصر على ربح الحرب فقط ، بل على ربح السلام أيضا ، والإمارات لا تسعى إلى صناعة السلام في اليمن ، بقدر ما تسعى إلى نشر الفوضى .