ظل الشارع اليمني يترقب انضمام بلاده إلى مجلس التعاون الخليجي ، خاصة بعد إطلاق المالكي المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي ما أسماه معركة ، " حرية اليمن السعيد " ، التي قال عنها ، إنها ستنقل اليمن إلى رحاب التنمية ، وزاد من يقين اليمنيين بقرب انضمام بلادهم إلى المجلس ، تغريدة الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي الذي أكد من خلالها أن المملكة ودول الخليج العربي تسعى ليكون اليمن ضمن المنظومة الخليجية ، لكنهم فوجئوا بانضمام إسرائيل إلى مجلس التعاون الخليجي وليس اليمن .
تتسابق دول الخليج على تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، وتقدم نفسها ككتلة واحدة ، بينما تتنافس هذه الدول على تمزيق اليمن وإخراجها من الدائرة العربية ودفعها باتجاه إيران ، بعض هذه الدول تشارك في الحرب بشكل مباشر وبعضها الآخر يدعم أطراف الحرب ويساعد في إبقائها مشتعلة .
تعيش دول الخليج حربا باردة فيما بينها ، واليمن تدفع ثمن هذه الحرب التي تتسابق فيها جميع دول الخليج على التحشيد والاستنفار وإبرام صفقات تسليح مكلفة ، على نحو يخبر بأن هذا التسليح لن يكون موجها إلا إلى صدر اليمن وإفراغه في ساحتها ، فإسرائيل لم تعد عدوا وإيران يتم مواجهتها في اليمن .
ومن المفارقات أن جامعة الدول العربية ، لم يعد في برنامجها وحدة الصف العربي ولا تطوير العمل المشترك ، فقد تركت اليمن للعبث الخليجي الذي يمارس خلافاته وصداقاته على حساب اليمن ، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل تستطيع القمة العربية القادمة المنعقدة في الجزائر أن تنقذ اليمن من التغول الخليجي ؟
الذين يعرفون القوة العسكرية وموازينها ، يؤكدون أن يمن اليوم لا يتطلب كل هذا الحشد من الأسلحة لضربه ولا النار السياسية التي تستعمل ضده ، خاصة وأن السعودية والإمارات وراء هذا الهوس باليمن الذي يتجاوز ما هو أخطر وهو " قطع أنفاس أي دولة تتمتع بنوع من الاستقلالية السياسية ، فكيف إذا كانت هذه الدولة هي اليمن صاحبة الإرث الحضاري والإرث السياسي الذي جعل الإماراتيين يزعمون أن أول حبة بن في التاريخ ظهرت في بلادهم .
للسعودية والإمارات وظائف كبرى في حرب اليمن ، فهي بداية استثمار سياسي كبير ، أو بمعنى أصح تحقيق أرباح سياسية ، فالهدف الأول والذي يشكل ورقة رابحة قد تحقق ، وهو شل اليمن تماما ، ومن ورائها شل الدول العربية ذات الثقل ، كمصر التي أبعدت عن الملف اليمني ، أما الهدف الثاني والذي يعد في خانة الأرباح من وجهة نظر البلدين ، هو إبقاء الحرب مفتوحة تحت ذريعة الخطر الإيراني .
استفادت الإمارات من وجودها في التحالف إلى جانب السعودية ، فعملت على الإخلال بتوازن الشرعية اليمنية ، حيث صنعت لها مليشيات معارضة لها ، بالإضافة إلى الإخلال بتوازن المنطقة اقترابا من تعطيل الدور السعودي والمصري ، لكي تتزعم قيادة المنطقة ،ذلك أن أحد أهم الوظائف السياسية للمسألة اليمنية في الحسابات الإماراتية هي حجز أي دور لأي دولة عربية واستبعادها وإحالتها إلى دور ثانوي .
وهنا أتوجه إلى القوى اليمنية بمختلف توجهاتها بالسؤال : إلى متى ستستمرون في بلع الأكاذيب التي تسوقها السعودية والإمارات وتحشدون كل طاقاتكم في تبعيتهما على حساب بلادكم ومستقبل الأجيال القادمة ؟ لماذا لا تقفون مع هؤلاء على مسافة متساوية من المصالح المشتركة التي تحقق الاستقرار للجميع ؟ ألا تأخذكم العزة بالنفس وأنتم ترون الحفاوة التي قوبل بها رئيس الكيان الصهيوني في أبو ظبي في الوقت الذي رأينا المحتفيين برئيس الكيان الصهيوني يمنعون رئيسكم من العودة إلى بلاده ؟