يبدو أن المملكة العربية السعودية لا تجيد سوى صناعة الخصوم، فمنذ أعلنت دعمها للشرعية اليمنية وخصومها يتكاثرون وحلفائها يبتعدون، فقد بدأت بتحالف قوامه ١٦ دولة وانتهى هذا التحالف بالمملكة والإمارات، وبدأ بقوى سياسية وقبلية يمنية كبيرة وانتهى بمجموعة من مستلمي المرتبات من محمد آل جابر الذي احتكر القرار في شخصه وأصبح يمثل دور بريمر اليمن بعد أن تنازلت له مؤسسة الرئاسة والبرلمان والحكومة عن قرارهم وسلطاتهم، وبعد أن أحاط نفسه بطبقة سياسية وإعلامية من أصدقائه وشركاء تجارته .
نحن اليوم على عتبة مؤتمر الرياض ٢، الذي يعقب مؤتمر الرياض ١، والذي لم تطبق قراراته حتى الآن وكل ما فعله أنه شرعن لانقلاب جديد في العاصمة المؤقتة عدن ، وعلى ما يبدو أن مؤتمر الرياض ٢، الهدف منه الحصول على بيانات تأييد وليس معالجة الأزمة اليمنية أو القيام بما يفترض أن السعودية جاءت لأجله ، والشيء المخجل أن مؤسسة الرئاسة والبرلمان سلموا الملف لآل جابر وكل طموح رئيس البرلمان أن يرأس هذا المهرجان .
يتضح بعد سبع سنوات من الحرب أن السعودية تستهدف حلفاءها الذين يقفون ضد التمدد الإيراني الذي تزعم مواجهته في الوقت الذي تزيد من وتيرة العلاقة مع المليشيات الخارجة على الشرعية ونقصد بالشرعية هنا الشرعية الدستورية وليست القيادة الحالية التي فقدت شرعيتها بسبب عدم تحملها المسؤولية ، كان بإمكان السعودية أن تعود مرة أخرى إلى المبادرة الخليجية وبعض مخرجات الحوار الوطني والقرار ٢٢١٦، للوصول إلى توافق حول الشرعية الدستورية ، لكن على ما يبدو أنها لا تريد ذلك .
من ينظر إلى خارطة المملكة العربية السعودية سيجدها محاطة بالحضور الإيراني، وهذا يحتم عليها إعادة تقييم دورها في اليمن والوقوف على جملة الأخطاء وتصحيحها ولن يكون ذلك إلا بنقل الملف اليمني من آل جابر إلى قيادة بحجم اليمن ، قيادة تعمل على تحريك الجبهات وليس إخمادها والوقوف إلى جانب الشرعية وليس تصفيتها ومصادرة قرارها ، فالواضح أن مشاورات الرياض المزمع عقدها قريبا لم يعد من أهدافها إعادة الشرعية إلى صنعاء ولا حتى إلى عدن ، بل الهدف منها تثبيت المتقاتلين على الأرض كشرعيات بديلة للشرعية الواحدة .
نحن على يقين بأن هناك من اليمنيين الذين سيحضرون هذا المهرجان في الرياض مازالت الدماء الوطنية تجري في عروقهم وروح القومية تسري في وجدانهم ، سيرفضون التفريط بالشرعية الدستورية وبالجمهورية والوحدة والسيادة الوطنية ، خاصة حينما يشعرون أن عقد هذا المهرجان بهذا الكم ما هو إلا نتيجة ثانوية لهدف آخر ، هو تفكيك الشرعية ومؤسساتها واستبدالها بالفوضى .
تبدو الملامح الأولية لهذا المهرجان أن الهدف هو منع قيام الدولة اليمنية ولا نعتقد أن اليمنيين الشرفاء سيقبلون بذلك ، خاصة وهم يعلمون يقينا أن السعودية تريد يمنا فوضويا وقد صرفت على هذه الفوضى أكثر من ٢٠ مليار دولار تحت لافتة إعادة الإعمار التي نقل معظمها إلى جيب محمد آل جابر وجيوب الفساد ، وهذا يحتم على الأمم المتحدة أن تعين شركة محاسبة عامة معتمدة لمراجعة الضوابط الداخلية للصرف ، حتى لا تدفع اليمن ما نهبه آل جابر .