إن الكتابة عن الاتفاق السعودي الحوثي وتفاصيل ذلك ليس بالأمر الهين، فكل شيء مغلف بالأسرار، والتطورات حبلى بالمفاجآت غير المتوقعة، يكتنفها الغموض والمؤامرات والصفقات المشبوهة، وقد جرى ذلك بعيدا عن الرهط المتواجدين في الرياض الذين لا يحدوهم سوى استلام بدل الجلسات، غير عابئين بتدهور الأوضاع المعيشية والأمنية التي وصلت إلى درجة خطيرة وانعدام الخدمات الأساسية الضرورية لأي مجتمع، كالكهرباء والوقود والماء الصالح للشرب وتفاقم الازمة المعيشية .
لم نسمع أن هؤلاء الرهط ناقشوا موضوع الطرق المغلقة في وجه المواطنين ولا الحالة الإنسانية المتدهورة، حيث يعيش ثلاثين مليون يمني كل يوم وسط انهيارات متعددة، سياسية واقتصادية وعسكرية واجتماعية، وإني لأرى السفير السعودي محمد آل جابر، يتبختر بين الجمع مبتسما بعد أن نجح في اختيار هؤلاء وورطهم في مشاريعه الخاصة .
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل أدرك هؤلاء الرهط بحجم الصفعة التي وجهها لهم اتفاق مسقط بين المملكة والحوثي؟
بمعنى آخر، هل أدركوا أن المملكة تنفض يدها من المغطس اليمني لتحاشي هزيمة منكرة وأنها تسعى لترك اليمن تواجه مصيرها بنفسها في جو من الفوضى العارمة وتكريس ذلك من خلال المليشيات التي من بينها مليشيا الحوثي والمليشيات التي أنتجتها حليفتها في الحرب الإمارات؟
سيعود المتشاورون من الرياض بمصاريف ربما تساعدهم على مواجهة متطلبات شهر رمضان وأغلبهم سيحظون بفترة نقاهة خلال هذه المدة، خاصة وأن الجو العائلي قد ساد هذا التجمع ، لكن جميعهم سيعودون وهم يحملون في نفوسهم الكراهية للمملكة ونظامها ، لأن القائمين على هذا المهرجان المسمى مشاورات سيكشفون عن حجم الفساد الذي مارسوه بحق اليمن واليمنيين ، ولا يوجد نظام في الدنيا كلها تزداد كراهيته كلما زاد دفعه للأموال ، كالنظام السعودي ، وذلك يعود إلى الطريقة التي يتم فيها اختيار أنصاره وإلى عجرفته في التعاطي معهم .
كل ما ستقوم به السعودية والإمارات من تقرير مصير اليمن بالطريقة التي تناسبهما، سيتبناه هؤلاء الرهط زورا وبهتانا وسيعلنون جميعهم تأييدهم للسلام مع الحوثي، مع أنهم جميعا خونوا قبل أيام دعوة أحمد عبيد بن دغر وعبد العزيز جباري واعتبروهما خائنين لدماء اليمنيين، مع أن الرجلين دعيا إلى استعادة القرار الوطني وإعادة النظر في الحرب التي تقتل اليمنيين بدون هدف، سوى هدف القتل .