تدرك السعودية بأنها أقدمت على خطوة غير دستورية وغير قانونية، حينما مارست ضغوطها على الرئيس هادي وأجبرته على نقل صلاحيته إلى مجلس رئاسي، ولذلك مددت له الإقامة الجبرية خشية من أن يفر كعادته حينما يكون تحت الضغوط وينقلب على ضاغطيه .
لم يكن هادي يتوقع أن السعودية ستخطو هذه الخطوة، خاصة بعد أن نفذ كل طلباتها بحذافيرها، وكان يتوقع تحقيق الوعود ويتوقع أن يفي الملك وابنه بوعودهم .
أحرق هادي كل سفنه وسلم قراره كرئيس للسعودية وحاول يبرهن لها أنه مخلص في التزاماته معهم وقبل بتجريد نفسه حتى من العناصر القوية التي كانت معه وفي صفه، طرح كل السلل على الطاولة، واختار السلة السعودية كي يضع فيها كل الآمال والتوقعات وكان واثقا من صدق الملك وولي عهده محمد بن سلمان الغارق في مشاكله الخاصة .
حسب هادي كل الاحتمالات ، وكان يتوقع من الإمارات الغدر ، لكنه كان واثقا بصدق السعودية وبالأثر الإيجابي الذي تركه أداؤه على السعودية ، ولكن كل الحسابات بدت صحيحة في الحقل ، لكنها عندما وصلت الأمور إلى السوق ، ظهرت الحقيقة الكبرى التي كان هادي يجهلها أو يتجاهلها ، وهي حقيقة بسيطة وواضحة تقول ، إن مطلب السعودية هو إسقاط الدولة في اليمن وليس بناؤها .
ما غفلت عنه قيادات الشرعية هو أنها حين تضعف قدرتها على الرفض ، فإنها تفقد أي قدرة على الضغط أو المناورة السياسية ، وهذا ما حدث اليوم أمام أعين العالم بأسره ، فقد ظهر الرئيس معتقلا وغير قادر على استعادة حريته أو حتى استعادة الحق اليمني وليس لديه القدرة على امتلاك أي وسيلة لإقناع العالم بأن الحفاظ على الشرعية يحتاج إلى نقلها بصورة دستورية .
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل الحل يكمن في إنهاء الشرعية أم في بنائها ، فالإجراءات التي قامت بها السعودية هي تصفية للشرعية وتعزيزا لانقلاب الحوثي وانقلاب الانتقالي وظهور مسميات مختلفة ، لم يكن الهدف من تشكيل المجلس الرئاسي توحيدها ، بل تعزيز انقسامها ، بدليل أن رئيس المجلس مجرد من أي قوة ملزمة لنوابه المعززين بمليشيات وبألقاب ، كالرئيس ورئيس المكتب السياسي وقائد العمالقة ، أي لديهم صفات مزدوجة تتناقض مع رئيس المجلس بوصفه قائدا أعلى للقوات المسلحة .
تبقى الإجابة على السؤال السابق بيد السعودية وإثبات حسن النية في معالجة الخطأ الفادح الذي ارتكبته بحق الشرعية الدستورية، أو ربما يتمكن الرئيس هادي من الهروب مجددا ويقدم الإجابة الشافية لكل ما جرى ويجري، وحتى تلك اللحظة لا يبدو أن هناك مستفيد مما جرى سوى جماعة الحوثي الإرهابية، فلأول مرة في التاريخ يحدث أن يجرد رئيس من شرعيته وتشكيل مجلس بدون أي صبغة شرعية، الهدف منه هو الحوار مع الإرهاب .