تسلم المجلس الرئاسي البلد في مرحلة استثنائية مصيرية وخطيرة للغاية ، ورثها كمجلس ، مثلما ورثها الشعب اليمني بجميع شرائحه ، وأعتقد جازما أن قبول استلام السلطة في مثل هذه الظروف يأتي من إدراك حجم المخاطر التي تحيط بالبلد ودقتها ، فالمجلس يسير بين ألغام ، إذا استطاع تجاوزها فإنه سيقود البلد إلى بر الأمان .
إن اليمن تمر بأزمات متعددة ، تمتد من الأزمة الاقتصادية والمعيشية والسياسية ، إلى العسكرية والبطالة والفقر المدقع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية والتهديد المباشر للناس في لقمة عيشهم ومرتباتهم وسكنهم ، فقد مرت اليمن في سنواتها السبع الأخيرة بأزمات وتحديات تراكمت حتى أوصلت الجميع إلى أزمة مأساوية ، لهذا فإن المرحلة تستدعي من المجلس مراجعة شاملة وعميقة والوقوف أمام الأسباب التي أدت إلى هذه الكارثة واتخاذ خطوات حتى لو كانت مؤلمة ، لكنها تحقق إصلاحا حقيقيا للشعب اليمني .
ابتداء يحتاج المجلس إلى توافق داخله ، كي يستطيع أن يتحدث بصوت واحد ويضع خطة طوارئ مزمنة لإنقاذ البلاد ، تبدأ بالإصلاح القضائي والمالي والإداري ومكافحة الفساد ووضع معالجات عاجلة للوضع الاقتصادي وتحصين شبكة الأمان الاجتماعي والدخول في حوار مع مليشيا الحوثي للوصول إلى سلام أو مواجهتها عسكريا لإنهاء تمردها على الدولة وعلى الإرادة الشعبية ، وتحديد موعد زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية .
وثاني خطوات العلاج ، تشكيل حكومة تخدم اليمن وشعبها واقتصادها ، حكومة مستقلة عن التجاذبات الحزبية والمناطقية ، حكومة يدرك وزراؤها مبادئ سيادة الدولة ورؤيتهم غير المناطقية تنسجم مع مبادئ المواطنة المتساوية ، حكومة ، تخضع لآليات المساءلة والمحاسبة ، تراقب من قبل البرلمان وتساءل من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد .
وثالث المطالب ، تكثيف التواصل مع الدول الشقيقة والصديقة ، ومجموعة أصدقاء اليمن والمنظمات والهيئات الإقليمية والدولية من أجل توفير الدعم الكافي لإعادة الإعمار ، باعتبار أن استقرار اليمن ضرورة إقليمية ودولية ، وكذلك تفعيل الدبلوماسية بأوجهها المتعددة والتواصل مع صناع الرأي والقرار لتعزيز جسور التواصل والتعاون بين اليمن والمجتمعات الأخرى .
ورابع المطالب ، سرعة تشكيل لجنة المصالحة كي تعمل على توحيد جميع القوى السياسية والاجتماعية لتحقيق السلام مع مليشيا الحوثي أو مواجهتها حتى ترضخ للسلام وهي صاغرة ، يجب على المجلس أن يسارع إلى تطمين الشعب اليمني الذي يعيش قلقا وخوفا على مصيره ومصير أبنائه وأحفاده ، فالمجلس جاء في ظرف استثنائي ويحتاج إلى إجراءات استثنائية لن تتم إلا بتضافر جهود جميع أعضائه لمواجهة هذه المخاطر والتحديات ، مالم فإن هذا المجلس سيكون الرافعة الأساسية لإلقاء الشرعية من أعلى برج المصالح الشخصية والتبعية .