أظهرت التحركات الأخيرة أن الرياض تخسر أمام أبو ظبي ، فقد أظهرت الترتيبات الأخيرة في تشكيل هيئة المصالحة أن ما خطط له السفير محمد آل جابر في تعيين العامري رئيسا لهيئة المصالحة قد فشل ، بل اصطدم بصخرة عيدروس الزبيدي الذي أصر على الغيثي ، هذه الخطوة أظهرت بؤس آل جابر وبؤس من اتبعه من اليمنيين الذين فضلوا التعيين على الانتخابات .
لست بحاجة إلى القول بأن السعودية لا يهمها سوى مس الكرامة الوطنية لليمنيين ، لذلك تركت ملف اليمن بكل تشعباته بيد سفيرها الذي لا يجيد سوى الدفع المسبق لمن ارتضوا أن يعلقوا مصير اليمن ومستقبلها باستمرار مرتباتهم ، مع أن خزينة البنك الأهلي السعودي تحتجز أكثر من ٢ مليار دولار من صادرات النفط اليمني ، بإمكانهم أن يحصلوا على مرتباتهم ومرتبات بقية اليمنيين منها .
منذ سبع سنوات والسعودية تختطف الرئيس هادي ومعه بقية مؤسسات الشرعية وتمنعهم من العودة إلى اليمن وقد كتبنا وكتب غيرنا وطالبنا بتصحيح وضع الشرعية وكنا نتلقى الردود التي تصل في كثير من الأحيان إلى الأذى الشخصي والأسري وفجأة تقدم السعودية على إجبار هادي ونائبه على تقديم استقالتهما ، وهما اللذان صمتا عن كل المخالفات إرضاء لها ، وبهذه الخطوة تسجل السعودية صفحة جديدة في سجل خسارتها ، بعد أن نقلت صلاحية الرئيس إلى المجلس الرئاسي وليس إلى رئيس المجلس الذي أحاطته بزعماء مليشيات يمتلكون من القوة ما يجعلهم يهيمنون على قرار المجلس وتوظيفه للجهات التي يتبعونها على حساب القرار الوطني .
تمارس السعودية أخطاء فادحة بحقها وبحق اليمنيين ، فمن غير المنطقي أن تنتصر على المشروع الإيراني في اليمن كما تزعم وهي تاركة الملف بيد آل جابر الذي يوظف الأزمة اليمنية للإثراء الشخصي والذي اكتفى بتلك الوجوه من اليمنيين التابعين لاستخدامهم ورقة في الإثراء .
ما يحاول آل جابر ترويجه واليمنيين الموالين له هو تصوير انتصار دبلوماسي كبير وكرامة وعزة للرياض في تشكيل المجلس الرئاسي ، مستغلا الوضع الذي يعيشه ولي العهد السعودي بسبب حرب اليمن التي باتت تشكل له صداعا وأرقا ويتمنى لو يصحى ذات يوم وقد اختفت اليمن من الخارطة وهو على استعداد لدفع الأموال مقابل الخلاص من هذا الأرق ، فآل جابر يستفيد من هذا الوضع ويوجه الأموال باتجاه حساباته التي أصبحت متخمة بالمليارات ويمنع حتى الآن الوديعة التي أعلنت عنها بلاده لدعم البنك المركزي اليمني .
نخلص إلى القول ، إن المسار الذي اعتمدته السعودية في التعامل مع الشرعية وتحديدا ولي العهد محمد بن سلمان ، أظهره بمظهر المتنمر الذي ينجز الأمور بالبلطجة ، وستكشف الأيام القادمة صدق ما نقول ، فإخراج أبين من المعادلة السياسية سيجعلها في قادم الأيام في مواجهة الانتقالي من جهة ومواجهة الشرعية من جهة أخرى ، وكانت الحكمة السياسية تقتضي دمج أبين في التوليفة القائمة من خلال إعطائها رئاسة الحكومة ، لكي تكون اليمن حاضرة بكل مناطقها .
لقد أثبت تعاطي السعودية مع الشرعية ونقل السلطة بتلك الطريقة أنها تنتقل من فشل إلى آخر وأن سياستها في إدارة الأزمة عبثية ، مثلما أن بقاء آل جابر والحكومة التابعة له عبثي ، ومن حسن حظ الحوثي أن من يواجهونه عبثيون ، وإذا أرادت السعودية أن تخرج بماء الوجه فعلا ، فعليها أن تحصن المجلس الرئاسي بنقل صلاحيته إلى رئيسه بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وأن تسلم الملف اليمني لرجل بحجم المصالح المشتركة بين اليمن والمملكة وعلى المجلس الرئاسي أن يذهب إلى تشكيل حكومة جديدة ترأسها شخصية وطنية من أبين ، لكي تكون الشرعية متوازنة ومحصنة في وجه الخصوم؟