لم يجد المراقبون والمتابعون للشأن اليمني سببا وجيها لقبول الدكتور رشاد العليمي العودة إلى عدن دون حماية أمنية ودون تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض سوى حرص الرجل على عودة الشرعية إلى الداخل والجلوس على مقربة من الشعب ، بعد أن ظلت سبع سنوات في الرياض ، لكن البعض الآخر يذهب إلى أن الرجل يبحث عن سلطة هزيلة دون الاكتراث للإمساك بزمام القرار .
ونحن نأخذ بالرأي الأول المتعلق بالحرص على عودة الشرعية من المهجر ، لكننا نؤكد على أهمية الحماية الأمنية كونها جزءا رئيسيا في حماية الدولة ، فجميع السلطات في العالم لديها حراسات أمنية ، تسمى في الأنظمة الجمهورية الحرس الجمهوري وفي الملكية الحرس الملكي وبعضها الحرس الأميري أو السلطاني ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك حرس رئاسي يتبع مؤسسة الرئاسة وإلا فالرجل يعرض استقرار البلاد إلى الخطر .
وهنا يجب القول ، على رشاد العليمي أن يتصرف كرئيس حقيقي مكتمل الأهلية ، كما يفعل باقي الرؤساء والملوك والأمراء في الدول الأخرى ، وعليه أن ينتزع السلطة والقوة والنفوذ بقوة القانون من الجهات الخارجة على القانون ومطالبته بتنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض مطلب ضروري ، خاصة وأن طرفيه ، الشرعية والمليشيات أصبحا في المجلس الرئاسي ، وفي حكومة المناصفة .
فليس من المنطقي أن يكون أعضاء المجلس قادة لمليشيات مسلحة ورئيس المجلس مجردا من قوة الدولة وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة ، وليس من المنطقي أن يمارس قادة المليشيات العمل السياسي من خلال الشرعية ويمارسون العمل العسكري خارجها لتمرير مشاريعهم السياسية .
يتوهم ذووا الخبرات السياسية المحدودة والعواطف الجياشة أن القبول بالعمل السياسي في إطار الشرعية والعمل العسكري في إطار المليشيات يخدم استقرار الدولة مع مضي الوقت ذلك وهم لا يقبل به إلا الباحثين عن سلطة هزيلة ، فبقاء المليشيات خارج نطاق الدولة أي دولة يخصم من رصيد الدولة نفسها .
لدى العليمي أوراق كثيرة ، أولها الرغبة الشعبية الواسعة في استعادة الدولة ، وثانيها تفعيل الدستور والقوانين والقضاء في ضرب الخارجين على الدولة ، وثالثها التأييد العربي والدولي الواسع في معركة استعادة الدولة والقانون في مواجهة الفوضى والتخريب ومعركة العليمي تبدأ مع الخارج وتحديدا السعودية والإمارات باستخدام الإمكانات التي تدفعهما إلى وقف دعمهما للمليشيات وإلزامها بتنفيذ اتفاق الرياض كاملا ، إضافة إلى أنه بحاجة إلى فريق دبلوماسي كفؤ ينصره في الخارج .
مما سبق نستطيع القول إن الرئيس يواجه خيارات صعبة بين مشروع الدولة ومشاريع المليشيات، لكن الآمال تتوقف على قدرته في استخدام أوراقه وفرض شروطه في المواجهة ، ابتداء من تعينه لرئيس وزراء جنوبي يتمتع بالقوة ويؤمن بالدولة ، وثانيا إعادة النظر بالسفراء في الخارج واختيار الدبلوماسيين بدل الموظفين واستعانته بمستشارين علماء في تخصصاتهم ، فتلك أدواته لمواجهة مشروع الفوضى ، ويا خوفي أن نكون قد نقلنا الشرعية من الإقامة الجبرية في الرياض إلى الإقامة الجبرية في المعاشيق .