لا أعتقد أن ما يجري في عروق قيادات مليشيات المجلس الرئاسي دماء ، بل هو ماء ، لأنه لو كان دما لرأيناهم يتقدمون صفوف مقاتليهم لقتال هذه العصابة التي ظهر وفدها المفاوض على فتح الطرقات في تعز وهو يتزيا بالزي العسكري ، فأين عنترية أولئك الذين كانوا يتوعدون صنعاء قبل أربع سنوات ؟ وأين الذين كانوا يتعذرون باتفاق ستوكهولم وأن الشرعية هي من وقعت هذا الاتفاق المقيد لهم، هاهم أصبحوا في أعلى هرم السلطة وفي موقع اتخاذ القرار ؟
كل يوم يمر منذ أن أصبحت المليشيات سلطة والحوثي يزداد تطرفا والمليشيات تزداد خنوعا ، عصابة الحوثي خرجت على ما اتفقت عليه الإنسانية من قيم وأخلاق وعقل وضمير وقبول بالآخر وباختلافه والمليشيات الخانعة تقر بتطرف العصابة وتنصاع لها على أمل الحفاظ على البقاء في سلطة لا تشبه أي سلطة ، هذا الخنوع لدى هذه المليشيات هو تطرف معكوس لأن هذه المليشيات تجيز ممارسة العنف ضدها وتقبل بالحوثي الذي لم يقبل بها ، بل وتمنحه الاعتراف بالوجود والحق في الحياة المأخوذة بالقوة .
منذ أن تأسس مجلس المليشيات حشر الشعب اليمني في زاوية ضيقة وقبل بتطرف الحوثي ومنح هذه العصابة حسن سيرة وسلوك موقعة باسم الشعب اليمني الضحية وكل يوم يهرول مجلس المليشيات إلى مفاوضات لا يجني منها سوى الذل والمهانة ويعلن صباح مساء تمسكه بالهدنة .
ونحن نخطئ إذا ظننا أن اتفاق ستوكهولم وما مثله من خنوع لم يصب الجميع ، بقدر أو بآخر ، فقد أخذت كل مليشيا حصتها سواء شعرت بذلك أم لم تشعر وافقت على ستوكهولم أو لم توافق أو سعت إلى القبول به أو إلى نفيه ، مثلما هو حاصل اليوم في محادثات الهدنة وكأنها شكل من أشكال الانتصار ، ناسيا كل من يسعى إلى هذه الهدنة الدور الخطير الذي يلعبه الوقت في فرض حقائق جديدة .
مجلس المليشيات الخانع تبرع بتعز بأكملها ، مثلما تبرعت بعض هذه المليشيات بالأمس بالحديدة مقابل مزيد من الحصار ومزيد من التحكم بكل حفنة هواء وجرعة ماء ولقمة عيش ، فمجلس المليشيات أعطى كل شيء مقابل لا شيء ، كل ما يهمه هو البقاء في سلطة منزوعة من كل شيء ، منزوعة من كرامتها ومن مستقبلها ومن نشيدها الوطني ومنزوعة من علمها الذي لم يعد أمرا متفقا عليه .
عن أي مجلس نحن نتحدث ، إنه بلا صلاحية ولا أمن ولا اقتصاد ، مجلس مكوناته مليشيات ليس لدى قياداتها ذرة إحساس ووفدها يجلس أمام وفد عصابة الحوثي وهو يتزيا بالزي العسكري يستجدون منه فتح طريق كي يعودوا إلى بيوتهم ، ما يؤلمنا أن هناك من المنبطحين مازالوا يعتقدون أن السعودية والإمارات تعملان لصالح اليمن ، بعد ثمان سنوات من الانتظار لوعود السعودية والإمارات في استعادة الدولة لم نستطع اليوم فتح طريق ، كم هو مخز أن تكون هذه العصابة باقية حتى اليوم وسبب بقائها هي تلك القيادات التي فقدت الإحساس بالكرامة ، أما تلك العصابة فهي أوهن من بيت العنكبوت .