بما في ذلك عمله كسفير للاتحاد الأوروبي لدى اليمن ، وعلى ما يبدو أنه ترك مفتاح بوابة الدخول إلى اليمن الممثل بالمجلس الرئاسي واستخدم مفتاح آخر هو مليشيا الحوثي ، وتحول من الحديث عن القضية الرئيسة المتمثلة بإنهاء الانقلاب إلى الحديث عن الجزئيات والتفاصيل الصغيرة كفتح الطرقات .
كنا نتوقع أن جروندبرج لديه فهم بتفاصيل واقع اليمن سياسيا وأنه قد تتبع ذلك التسلسل التاريخي والمنطقي للأزمة اليمنية التي لا تكمن في السلطة ولا في الخلاف عليها بقدر ما تكمن بالحوثيين الذين يدعون الحق الإلهي بالحكم وبالمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا الذي يدعي الحق المناطقي بالحكم أيضا ، لكنه للأسف بدلا من البحث عما يقوي المجلس الرئاسي والضغط على دول التحالف والمجتمع الدولي بفتح السفارات في عدن ودمج المليشيات المكونة للمجلس في المؤسسة العسكرية والأمنية ، وجدناه يغرق المجلس بتفاصيل سياسية تبعده عن أي حل سياسي يؤدي إلى استعادة الدولة .
ولست بحاجة إلى التأكيد بانحراف جروندبرج عن الذهاب نحو السلام الحقيقي لليمنيين فهو يبحث عن سلام يثبت الأمر الواقع ، وهذا ما تؤكده اللقاءات الثانوية التي يحضرها المبعوث ، كاللقاء الجاري في بلاده السويد ، إضافة إلى عدم إلزام تحالف دعم الشرعية بترتيب أرضية مساعدة وصلبة تدعم المجلس الرئاسي ، كعودة السفارات إلى عدن وتقديم الدعم المالي ، كما أنه لم يسلك طريق الحشد الدبلوماسي لخارطة طريق تؤدي إلى سلام دائم وحشد التوافقات الإقليمية والدولية حولها .
لقد تعددت جلسات الحوار في الأردن وعمان بين الشرعية ومليشيا الحوثيين ، لم يتغير في المشهد شيء بقدر ما وضح أن الخلاف مستعصي عن الحل والفجوة عميقة بسبب الانقلابيين الحوثيين ، ومع ذلك لم يتبن جروندبرج أي موقف يوضح فيه الطرف المعرقل والذي كما هو معروف وواضح مليشيا الحوثي ، على العكس من ذلك ، يظهر أنه يتماهى في كل مرة مع الحوثيين ، كما أنه مازال يخضع للتدخلات الخارجية ومازال يصر على اللقاءات الخارجية للأطراف اليمنية ولم يحدد مدينة يمنية جامعة تكون منطلقا للسلام ولإنتاج حل دائم .
حتى هذه اللحظة مازال جروندبرج يمد حبال الوقت ويذهب إلى لقاءات هامشية ويحيط نفسه بمجموعات نسوية وذكورية غير قادرة على إنجاز رؤية حقيقية لتفكيك الأزمة اليمنية ، فهذه المجموعات التي تسللت إلى مكتبه ومكتب من سبقه من المبعوثيين هي على صلة بالإيديولوجيات المتصارعة تحاول تضليل المبعوث الأممي ، كي يستمر الصراع وتستمر أدواته .
مازال اليمنيون ينتظرون من جروندبرج أن يؤدي صرخته الأخيرة كقيمة أخلاقية في وجه الإقليم والعالم ويعيد البوصلة إلى القضية الرئيسية المتمثلة بانقلاب صنعاء وعدن ومطالبة المجتمع الدولي باحترام الإرادة الشعبية اليمنية وإخبار العالم بمن هو المعرقل لجهود السلام ومن الذي يحاصر تعز ويرفض فتح الطرق المؤدية إليها ومنها ومن الذي يصر على تجويع وحصار تعز ، فالطرق في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف واجبة الفتح وغير خاضعة للتفاوض .
أخلص إلى القول : إن المبعوث الأممي إلى اليمن ، بحاجة إلى العودة بالتفاوض إلى جوهر المشكلة والابتعاد عن التفاصيل والمطالبة بعودة السفارات إلى عدن دعما للمجلس الرئاسي ودمج المليشيات المسلحة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية وتحت قيادة الرئيس بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة وفق الدستور ، إضافة إلى إنجاز خارطة طريق تمكنه من تقديم حلول حقيقية وتحديد المعرقلين الحقيقيين لجهود السلام في اليمن .