يتهمني البعض بأنني متحامل على الشرعية وتحالف دعمها وأنني أركز جل كتاباتي عليهم وتركت الحديث عن الحوثيين ، والحقيقة أنني مصدوم من هذ القصور في قراءة مجريات الأحداث ، وهذا يدل على الفخ الذي وقعنا فيه على المستوى الداخلي والخارجي ، حيث ننظر إلى الحوثي بأنه جماعة انقلابية وأن الحرب ضده هدفها استرداد السلطة ، وهذا ما تذهب إليه الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ، بينما في الحقيقة أن جماعة الحوثي هي عصابة إرهابية فاقت عصابة داعش سواء في الجرائم أو في التسليح ، فهي تملك أسلحة فتاكة بعيدة المدى مثل صواريخ سكود وغيرها من الصواريخ .
فإذا حسمنا أمرنا وسمينا الأمور بمسمياتها وتعاملنا مع الحوثيين كعصابة إرهابية ، فلم نعد بحاجة للكتابة عنها ، بقدر ما نحتاج إلى توحيد الفعل في مواجهتها ، فمن غير المعقول أن نذهب إلى قتال هذه العصابة ببندقية معطوبة ، والبندقية هنا الشرعية التي كتفتها السعودية والإمارات ومنعتها من بناء جيش وطني ومن تسليحه وتدريبه وسهلت لهذه العصابة تدفق الأسلحة إليها من كل مكان بالرغم من الحصار المفروض على الشعب اليمني جوا وبرا وبحرا وسهلت لها تدفق الأموال عن طريق المنظمات الدولية ومكنتها من التحكم بوسائل الاتصالات المحلية والدولية .
الفرق بين الانقلاب والإرهاب ، هو أن الانقلابيين ينقلبون على السلطة ويبقون على مؤسسات الدولة بما في ذلك الجيش والأمن ويبقون على الوظيفة العامة والمرتبات ، وهذا لم يتم في اليمن وإنما الذي تم هو عملية إرهابية اختطفت الشعب اليمني واختطفت حقه في الحياة وتساوم به ، ومقابل ذلك لم يكن التحالف بقيادة السعودية جاد في مقاتلة هذه العصابة ولم تكن أمريكا جادة أيضا في محاربتها ، فأمريكا أرادت أن تلهي السعودية بالملف اليمني لبعض الوقت حتى تنتهي من تسوية الملف النووي الإيراني والسعودية أرادت خلق واقع جغرافي جديد ومناطق نفوذ لها في اليمن ، فبعد مرور ٨ سنوات على الحرب في اليمن تجددت التساؤلات عن مصداقية السعودية في محاربة هذه العصابة .
ولست بحاجة إلى التأكيد بأن هناك فجوة كبيرة بين التهديد الذي تمثله عصابة الحوثي الإرهابية وحقيقة الجهد المبذول على الأرض ، ومازلت مقتنعا بأن القوة التي يمتلكها التحالف قادرة على إلحاق الهزيمة بعصابة الحوثي الإرهابية ، لكنه لا يريد ذلك ، فمشكلتنا اليوم هي مع التحالف والشرعية ، وليس مع العصابة الإرهابية ، فهناك من يقول يجب أن نوجه نقدنا للحوثي ونوحد جهدنا لمواجهته ، وهو يعني بذلك عدم الالتفات إلى الاختلالات والخلافات البينية داخل الشرعية وتحالف دعمها ، والسؤال: كيف نترك نقد أخطاء التحالف وحرفه لمسار المعركة وخلقه لشقوق داخل الشرعية تمنع توجيه البندقية إلى صدر الإرهاب ؟
لقد ظل المواطن اليمني والسعودي على حد سواء يتابع الاحداث منذ انطلاق عاصفة الحزم وما بعدها من أمل ومعركة القوس الذهبي واليمن السعيد وفي كل يوم يسمع انتصارات ضد عصابة الحوثي وأخبارا عن تدمير وقتل المئات منها بشكل يومي وتدمير قدراتها العسكرية وكان ينتاب هؤلاء المواطنين شعورا بالاطمئنان لقرب زوال هذه العصابة ، لكن المثير للدهشة والريبة ، أن هذه العصابة كان يتوسع نشاطها ويزيد استقطابها لمزيد من المقاتلين وفتح معسكرات صيفية تحت مرأى ومسمع من التحالف ، فإذا كانت هذه العصابة تتلقى كل هذه الضربات وهذه الهزائم ، كما يقول إعلام التحالف ومع ذلك تتمدد بهذا الشكل ، فلابد أن هناك مشكلة ما ، وهذه المشكلة أن الحرب التي تقودها السعودية ليست حربا حقيقية أو جادة في القضاء على معاقل هذه العصابة ، ويؤكد ذلك آلاف الحكايات المتطابقة على ألسنة ضباط وجنود بأنهم كانوا يتلقون الضربات من قبل طيران التحالف حينما كانوا يتقدمون في الجبهات ويحققون انتصارات ، وهذا مؤكد في إعلام التحالف الذي كان يسميها ضربات عن طريق الخطأ ، حيث استمر الخطأ في قتل الكثير من الشرعية ، ولم تقتل الضربات الموجهة حوثيا واحدا .
والحقيقة أن السعودية لا تتحمل بمفردها هذا العبث في اليمن ، فإلى جانبها الإمارات وأمريكا وبريطانيا وهي دول الرباعية المتحكمة بالقرار اليمني وقبلهم تتحمل الشرعية مسؤليتها بسلطاتها الثلاث التي صمتت عن كل هذا الخراب والدمار والعبث بمؤسسات الدولة في المناطق المحررة وزرع كيانات حرفت مسار المعركة في مواجهة عصابة الحوثي الإرهابية إلى معارك جانبية توطد الاحتلال الإماراتي السعودي وتحمي حدود عصابة الحوثي .
وأنا على يقين بأنه بدلا من القراءة النقدية ومناقشة ما ورد في هذه المقالة ، سينبري لي البعض من أصحاب الدفع المسبق وسيتهمونني بأنني أسيء إلى الأشقاء ، لدى هؤلاء البعض حساسية مفرطة تجاه الأشقاء ولا يهمهم ما وصل إليه الشعب اليمني من فقر وجوع وغياب للخدمات ، فقد كان هؤلاء بالأمس يرجعون الانتكاسات والهزائم إلى هادي وحزب الإصلاح وأنه بمجرد مغادرة هادي السلطة سيتم هزيمة الحوثي ، هاهو هادي غادر السلطة غير مأسوف عليه وهاهو الإصلاح تم إقصاؤه وأصبح القرار بيد الانتقالي وحراس الجمهورية وقوات العمالقة ، فما هو العذر إذا لتتحرك هذه القوات باتجاه صنعاء ، لماذا تم القبول بممارسة دور السلام مع عصابة إرهابية لا تعرف معنى السلام ولا تعترف به ؟
ما يمكن أن أخلص إليه ، إن السعودية والإمارات تنفذان أجندة أمريكا وبريطانيا في اليمن ، والأجندة الأمريكية والبريطانية واضحة المعالم تصب في صالح بقاء هذه العصابة الإرهابية كي تحقق من خلالها الجيل الرابع من الحرب وهو الجيل الذي تذوب فيه الفروق بين الحرب والسلام ، وهنا أدعو قيادات الشرعية إلى الجلوس مع دول الرباعية وسؤالها ماذا تريد من اليمن ، كي يتم التعامل مع هذه المطالب ، وأدعو الأمريكيين والبريطانيين من أصول يمنية لرفع دعاوي قضائية على أمريكا وبريطانيا لوقوفهما إلى جانب عصابة الحوثي الإرهابية التي تمتلك أسلحة دمار شامل وتختطف الشعب اليمني منذ ثمان سنوات .