شعر المواطن الأمريكي جورج فلويد وهو تحت ركبة مواطنه البوليس لبضع دقائق بالاختناق، وجميع القيادات السياسية اليمنية سواء المتحالفة مع عصابة الحوثي الإرهابية ، أو مع السعودية والإمارات ، لم تشعر بالاختناق طوال هذه السنين ، قيادات سياسية بكاملها تعيش حالة الرق والعبودية ، لقد حصل جميع من ذهبوا إلى ما سمي مشاورات الرياض على كفيل منحهم شرعية الحصول على إقامة مدتها سنتين وتنازلوا عن إقامة في وطنهم مدتها أبدية لهم ولأبنائهم من بعدهم ، فنحن أمام عبودية سياسية لم يشهد التاريخ ولن يشهد لها مثيل .
لقد أصبحت الرياض مثلها مثل صنعاء مكانا لتخزين البضاعة البشرية ، وبدلا من تقيدهم بالسلاسل الحديدية قيدوهم بصنعاء بالقول سيدي ، وفي الرياض قيدوهم بالكفيل ، فلم تكتف السعودية بالإتجار بالبشر وتقنين العبودية للعمال ورجال الأعمال ، وإنما ذهبت إلى أبعد من ذلك ، إلى الإتجار بالسياسيين والإعلاميين ، وبدلا من انتزاع الكلى أو الأعضاء المادية ، انتزعت عقولهم ومراكز تفكيرهم .
لقد سمعنا خلال الأيام الماضية تصريحات متفاوتة سواء من الشرعية أو من تحالف دعمها يشكون خروقات عصابة الحوثي للهدنة ، وليس المطلوب منهم أن يذكروا اليمنيين بصلف هذه العصابة ، بل المطلوب منهم أن يقوموا بدورهم الذي يحتم عليهم القيام به ، ووفق الأهداف التي وضعوها لأنفسهم .
لقد استبيحت اليمن تحت مسميات مختلفة ، تارة باسم التحرير وتارة باسم مقاومة العدوان وما بينهما دجنت الحياة الوطنية والسياسية وصودر القرار السياسي المستقل الحر واستلحقت اليمن بمحاور الظلام والانغلاق ، بما يناقض تاريخها الجمهوري والديمقراطي ، والحقيقة أن الشعب اليمني قد أدرك ذلك الفخ الذي جرته هذه الأطراف إليه ، فلم يعد شعار التحرير أو مواجهة العدوان ينطلي عليه .
لقد وقع الطرفان تحت العبودية ، ولم يعد أي من الطرفين قادرا على اختيار تصرفاته دون إعاقة من الطرف الذي يتبعه ، فجميعهم مجبرون على أن يتصرفوا خارج إطار حرياتهم ولم يعودوا سادة أنفسهم ، حتى وإن زعموا ذلك ، فقد صودرت حريات من في الشرعية ، مثلما صودرت حريات من مع عصابة الحوثي الإرهابية ، تسمع أبو رأس وهو يتحدث عن المقاومة والدفاع عن الوطن وهو يدعو الجرذ عبد الملك الحوثي بسيده ، دون أن يدرك أن عكس السيد ، هو العبد .
لقد وعدت السعودية والإمارات الشرعية بتحريرها من عصابة الحوثي، لكنهما حولا التحرير إلى نقيضه، وتراجع الخطاب من تحرير صنعاء إلى استجداء فتح طريق في تعز
يغفل هؤلاء جميعا أن تواطؤهم على القبول بإسقاط صنعاء، بأنه سيشكل القاعدة لهزيمة السعودية والإمارات، لأن مجازر عصابة الحوثي تساوت مع المجازر التي أنجزتها السعودية والإمارات في القاعة الكبرى وفي العلم ، ليس هذا فحسب ، بل لأن السعودية والإمارات أرشدتا السلاح إلى الجنوب وإلى صدر الشرعية بدلا من صدر عصابة الحوثي الإرهابية .
كانت السعودية والإمارات تتحججان بهادي وأنه سبب كل هذه الهزائم المتتالية وأن حزب الإصلاح سبب كل هذه الانتكاسات ، فها هو هادي قد ذهب إلى مزبلة التاريخ ، ولإصلاح غادر السلطة بالقوة الجبرية جزاء عدم إشراكه الآخرين ، رغم ما حققته بعض قياداته من إنجازات ستظل نقطة ضوء في تاريخ الشرعية ، كما هو في شبوة فترة بن عديوا وفي مأرب فترة سلطان العرادة ، لكن ما الذي يمنع الانتصارات الآن وقد ذهب هادي وأخرج الإصلاح من السلطة ؟
يبدو أن استرضاء السعودية والإمارات لعصابة الحوثي ومعاقبة اليمنيين كان أمرا مدبرا ولا يثير الدهشة أبدا ، فالسعودية تعتقد أن تدمير الدولة اليمنية ، هو تدمير للشر اليمني ، وهي لا تدرك أنها بذلك قد تأبطت الشر حقيقة وجانبت الخير ، حينما هزمت الشرعية ومعها الدولة اليمنية
وفتحت أبواب الشر التي ستدخل منها إيران إلى مكة والمدينة ، والسؤال لقيادات الشرعية ، طالما وقد اتضحت قواعد العبودية ، فلماذا لا تتحررون ، لأن العبد لا يمكن له أن يحرر الآخرين .