لست أدري لماذا يهرول اليمنيون وراء الوهم الأمريكي الذي يزعم أنه سيصنع سلاما مع عصابة إرهابية صادرت الله وجعلته مجرد إله يمنحها السلطة دون سواها وصادرت الرسول بوصفه رحمة للعالمين لتجعل منه مجرد جد لسلالتها القذرة وصادرت القرآن لتجعله مجرد دليل على اصطفائها وصادرت الإسلام لتجعله آمرا بطاعة إمامها .
كيف وقع اليمنيون في فخ السلام الأمريكي الذي لم يخطو خطوة واحدة منذ أكثر من عامين منذ أن وضعه بايدن في برنامجه الانتخابي؟
كيف غفل اليمنيون عن المصالح الأمريكية في المنطقة والتي جعلت اليمن تدفع ثمن هذه المصالح بسبب موقعها الجغرافي وبسبب ما يوجد في باطن أرضها من مخزونات بترولية استراتيجية ومعادن ثمينة؟ فالعصابة الحوثية تلاقي من الدلال الأمريكي ما لاقته الحركة الصهيونية من دلال ورعاية وتجنيبها الهزائم العسكرية ومنع وصمها بالإرهاب .
أي سلام سيعقده اليمنيون مع عصابة تؤمن بأن الموت تجارة مربحة في الدنيا والآخرة ، وتشعل نيران الحرب الطائفية من أجل ديمومة الموت الذي يحصد اليمنيين ويرسم شعارا على بنادقها وعلى جدران المدارس والمستشفيات ، شعار يثير الفرقة والكراهية وتحت هذا الشعار تتكدس النفايات ويتجمع الذباب وتفوح الروائح الكريهة وتتوسع العشوائيات وتتسع معها دوائر الفقر والجوع والأوبئة وإذا سألت أحدهم عن السبب ، يجيبك بأن أمريكا وإسرائيل تتآمر عليهم .
عصابة تدعو إلى قتل أمريكا وأمريكا تمنع تصنيفها جماعة إرهابية وتمنع هزيمتها وبعد هذا نصدق أننا سنمضي نحو السلام ونشغل أنفسنا في الكتابة عن احتفال هذه العصابة بيوم الغدير وننسى اليوم الذي أذلت أمريكا ومعها السعودية والإمارات اليمن وتجاهلت رئيسها في قمة تناقش أوضاع اليمن ، ولم تكتف بذلك بل زعمت في بيانها أنها تدعم مجلس القيادة الرئاسي وفي الوقت نفسه لم تسمح له بحضور لقاءات القمة وهو على بعد خطوات منها .
عصابة الحوثي الإرهابية صناعة أمريكية بامتياز ، ولست بحاجة لأن أذكركم بأن الذي رسم الهلال الشيعي هي أمريكا وليست إيران وأن الذي رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد هي أمريكا ووضعت إيران ضمن هذا الشرق الجديد ، فهل نصدق بعد ذلك بأن أمريكا تعادي إيران أو أذرعها في المنطقة ، خاصة وأن أمريكا كانت تصرف مرتبات الحشد الشعبي في العراق في الوقت الذي كان هذا الحشد يدعو بالموت لأمريكا ، وأمريكا هي من تدعو إلى السلام مع عصابة الحوثي الإرهابية وهذه العصابة تدعو بالموت لأمريكا .
لا أعتقد أن أمريكا تجهل أنه لم تمر عصابة على سطح الأرض منذ خلق الله الكون وحتى يومنا هذا استخفت بالقيم والمحارم والقوانين والأخلاق مثل عصابة الحوثي ، فقد عرفت البشرية عصابات شتى ، منها العصابات الإجرامية والإرهابية ولكن ما من واحدة حاكمت الناس على أساس جيني ، حتى العصابة الصهيونية لم تحاسب الفلسطينيين على مشاعرهم ، مثلما تفعل هذه العصابة ، لكن أمريكا بحاجة إلى هذه العصابة كي تكون بمثابة قاعدة متقدمة تشكل اختراقا في المنطقة لوقف زحف روسيا والصين وخاصة ما يتعلق بطريق الحرير التجاري الذي تعمل الصين على إعادة تفعيله .
نحن أمام عصابة أورثت الشعب اليمني الذل والتشرد واسترخصت وسائل القسوة لتحمي نفسها بالخوف ، عصابة تفزع من مقال أو إعجاب في صفحة الفيسبوك ، لا شك أنها أوهن من بيت العنكبوت وهزيمتها ممكنة لو وحد اليمنيون بنادقهم ، فهي تقاتل نصفنا بنصفنا الآخر ، أما هي ، فهي جثة ، وما يجعلها جثة متحركة هم أولئك الذين يتحالفون معها في صنعاء أو الذين يتقاتلون فيما بينهم في عدن ، مع أن الجميع يرون أنها جثة خرجت من القبر لتحكم بالقتل والتعذيب وتلوث كل وجوه الحياة بالموت وحولت اليمن إلى مقبرة كبيرة وأدخلت عشرات الملايين من الشعب اليمني في خط الفقر والجوع والحرمان ، لكنهم يصرون على خدمتها ويعتقدون بأن السلام معها ممكنا ، وهم لا يدركون بأن السلام لن يتحقق إلا بهزيمة هذه العصابة ومن يقول غير ذلك ، فإنه يضيع الوقت ، مثلما أضاع من قبله الوقت مع الصهيونية .