يتحمل آل جابر مآسي وكوارث وويلات في اليمن، فقد أساء إدارة المعادلة السياسية، فهو يجهل أبجديات السياسة، لكنه حاول التغلب على جهله بخلق معادلات سياسية قلقة ومضطربة وتفكيك أي عمل مؤسسي، ناهيك عن إرساء دعائم الفساد في كل مفاصل الشرعية، ففي إدارته اختفت عشرات المليارات وأسس الفساد وأشاع الفوضى، وهذا لا يعني عدم تحمل القوى والكيانات السياسية والشخصيات اليمنية التي شاركت في إدارة سلطة الشرعية خلال حرب الثمان سنوات مسؤولية بعضا مما حصل .
مع مرور الوقت ، كانت هناك قناعة في إدراك الشارع اليمني ولدى مختلف النخب والشرائح بأن الكثير من المشاكل والأزمات التي حصلت كان من الممكن أن لا تحصل لولا تدخل آل جابر وتحكمه بالملف اليمني وتدخله في تعيين الشخصيات الموالية له والمرتبطة بفساده على حساب ولائها لليمن ، ساهم ذلك في إيجاد مناخات سياسية متأزمة ومتشنجة ، سادتها الصراعات الحادة على مواقع السلطة والهيمنة والنفوذ وأريد لها أن تكون بشكل أو بآخر أرضيات لتمرير أجندات ومشاريع التفتيت والتقسيم .
والغريب بالأمر أن السعودية تصر على بقاء آل جابر وكأنه لا يوجد أشخاصاً أفضل منه، وآل جابر يصر على بقاء معين عبد الملك وزملائه اللصوص ، وهذا يؤكد أن السعودية أرادت هذه النهاية لليمن ، لأنه لا يعقل أنها تجازف بسمعتها في وضع رجل لا تتناسب خبرته مع المهمة الموكلة نظريًا إليه وهي إعادة الشرعية ، فخلال الفترة الماضية ظلت السعودية بعيدة عن تحديد اليمنيين الوطنيين الشرفاء والذين بوسعهم قيادة اليمن وتعمدت إيذاء اليمنيين، لأنه لا يوجد ما يؤذي أي مجتمع أكثر من وضع الفاشلين والحاقدين على رأس السلطة .
لم يكن فساد الحكومة اليمنية خطأ غير مقصود، بل كان خطأ متعمدا، يؤكد ذلك جمع اليمنيين من الذين استقطبهم آل جابر إلى مؤتمرات الرياض ٤،٣،٢،١ والإصرار على تقاسم الحكومة دون إنجاز الجانب الأمني والعسكري، إضافة إلى تشكيل مجلس القيادة الرئاسي من ثمانية أعضاء لكيلا يتمكن من اتخاذ أي قرار لصعوبة ذلك بسبب العدد الكبير وعدم التجانس والهدف من ذلك هو إضعاف قدرات المجلس في اتخاذ القرارات .
كانت اليمن بحاجة إلى حكومة طوارئ تسد الفراغ السياسي والأمني ، لكن عبث آل جابر أبقى البلد مفتوحا أمام الفوضى ، لأنه يدرك أن تشكيل حكومة مستقرة سيزيل أي مبرر لتحكمه بالقرار السياسي والاقتصادي ، فمن غير المعقول أن يترك مليارات الدولارات ليسلمها لحكومة غير مأمونة الجانب ، وقد اتضح ذلك من خلال حديث آل جابر عن إنجاز آلاف مشاريع إعادة الإعمار وعندما يسمع المواطن اليمني آلاف المشاريع يظن أنها مشاريع بالمفهوم السائد والحقيقة أن طلاء مدرسة مثلا يسميه مشروعا ، وخبرا يورده محمد العرب يخرج مذيعة العربية الحدث عن توازنها من هوس الضحك على الهواء عن مطار مأرب الدولي يدرج في كشف آل جابر مشروعا ، ومثله آلاف المشروعات الوهمية التي ذهبت كلفتها إلى رصيد آل جابر وشركائه ، ويبقى معين عبد الملك أكبر مشروع وهمي ابتلع مستقبل اليمن السياسي والاقتصادي وأكبر ثقب أحدثته السياسة السعودية في اليمن .
