يفترض أن تكون قيادة المجلس الانتقالي جميعها في السجون وليس في السلطة ، لكن ما يجري في اليمن مجافي للمنطق وللقوانين الدولية المتعارف عليها ، فمن غير المنطقي أن تكون الشرعية التي مازالت تحمل بصماتها في المحافل الدولية وهي الممثل الوحيد المنوط بها بناء النظام الدستوري والقانوني في البلاد عبارة عن غطاء أو وعاء للانفصاليين الذين لا يمتلكون أي شرط من شروط الانفصال المتنازع عليها عالميا في أكثر من ٦٢ إقليم حول العالم .
إن التنازل عن السلطة لمليشيات لا يمكن محاسبتها يبقي على مساحة للعنف والتطرف ، ففي الحالة الطبيعية للدول لا مكان للمليشيات ، كونها تعمل خارج القانون ويعتبرها القانون الدولي حالة شاذة ، ولا يوجد أي قانون في أي دولة في العالم يشرعن وجود المليشيات في السلطة أو يمنحها صفة قانونية ، إلا في اليمن .
بالأمس كنا نخاف من الدولة واليوم نخاف عليها بعد أن وقعت تحت احتلال المليشيات المسلحة التي لا تريد الدولة ، فهي تعتبر وجود الدولة مناقض لوجودها ، والعجيب في الأمر أن هناك من ينوح على العهد القديم ، لكن لا أحد يملك القوة والإرادة للخروج من الوضع الراهن ، يعود السبب في ذلك إلى العلل التي أصابت الشرعية باعتلائها من قبل فاسدين لا يوجد لديهم أي ارتباط بالوطن ، يتعاملون معه كشركة مفلسة يجب اقتسام ممتلكاتها .
إن التنازل عن السلطة جعل الانتهازيين يضخون الكراهية تجاه كل ما هو وطني ويعبون القطيع من الناس على التعامل مع الوطن وكأنه بقعة أرض يحددون من يعيش فيها ومن يطرد ، يعود السبب في ذلك كما قلنا إلى سكوت سلطة الشرعية عن المنادين في الانفصال دون مواجهتهم بالقانون الدولي الذي ينص على الحفاظ على وحدة أراضي الدولة ولا يكون حق تقرير المصير إلا في الحالات الآتية :
١ . أن يكون الإقليم المنادي بالانفصال خاضع للاحتلال أو الاستعمار .
٢ . أن تكون السلطة المسيطرة على الإقليم مختلفة عن الشعب المقيم به في الهوية والثقافة والتركيب السياسي .
٣ . أن يكون العيش المشترك أمرا مستحيلا .
واليمن من أقصاه إلى أقصاه جغرافية واحدة وثقافة واحدة ونسيج اجتماعي واحد ولغة واحدة .
الخلاصة ، أننا أمام ظاهرة أنتجتها الكراهية ، يعاني أصحابها من اضطراب نفسي ، يحملون هوية الجمهورية اليمنية ويتنكرون لها ، والمفروض ، بل والطبيعي أن يجردوا من الجنسية اليمنية ، ويبحثون لهم عن الجنسية التي ستقبل بهم .