لا تكمن العلاقة بين المجلس الانتقالي وبين الحوثيين كون الطرفين تلقيا الدعم المادي والتدريب العسكري ابتداء من الضاحية الجنوبية ، بل في كونهما اتفقا على اختطاف العاصمة لتعطيل القرار السياسي ، فالحوثي اختطف العاصمة صنعاء ، والمجلس الانتقالي اختطف عدن بعد أن تحولت إلى عاصمة مؤقتة ، والعاصمة في العلوم السياسية ، هي المدينة التي تتركز فيها مقرات السلطة في الدولة ، فالحوثيون ألغوا الدولة بطريقتهم وأرادوا تحويل الشمال إلى منصة لإطلاق الصواريخ الإيرانية والانتقالي ألغى الدولة بطريقته وأراد تحويل الجنوب إلى قاعدة عسكرية للإمارات ، والحوثيون ينطلقون من منطلق طائفي عنصري والانتقاليون ينطلقون من منطلق مناطقي عنصري أيضا .
الحوثيون يكرهون الجمهورية والوحدة والشعب اليمني وكذلك الانتقاليون يصابون بالصرع حينما يذكر اسم اليمن والوحدة اليمنية ،
كانت الجمهورية والوحدة تلهب مشاعر اليمنيين ، وتتواتر في خطابات حكامهم شمالا وجنوبا وتمنحهم الشرعية في الحكم وتسطر في مناهج التعليم ويتم التعبير عنها في الثقافة والأدب ، لكن الحوثيين والانتقاليين يعملون صباح مساء على طمسهما ، بل وتجريمهما ويسعون بكل قوة لجعل اليمنيين أعداء لبعضهم البعض ، فالحوثي يستعين بإيران والانتقاليون يستعينون بالإمارات وكلاهما إيران والإمارات ينفذون مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي ستقوده إسرائيل وإيران وتركيا من دون العرب .
يسعى الحوثيون والانتقاليون إلى تجريف الشعب اليمني وخلق تكتلات بشرية خالية من أي فكرة وطنية ، وهذا ما نلمسه من الانتقاليين المتشبعين بهذيان وأباطيل مناطقية لا تجمع بينها جامعة ، يبحثون عن هوية لا وجود لها ، بينما وجودهم وحياتهم وتعامل العالم معهم وفق الهوية التي ينكرونها وهي الهوية اليمنية ، ولهذا تجدهم في حالة اصطدام متواصل مع الهوية اليمنية ، ومن هنا تبدو اليمن لهؤلاء المرضى نفسيا بأنها هوية غير منطقية ، يسافرون بالهوية اليمنية وينسبون أنفسهم إلى هوية غير موجودة ، بل إن أغلبهم يعملون في سفارات الجمهورية اليمنية وينسبون أنفسهم إلى الجنوب العربي ، هل وجدتم في التريخ مصابون بانفصام الشخصية كهؤلاء المتورمون بالكراهية والحقد على كل ما هو يمني ؟
هذه الكتلة السوداء من الكراهية تجاه ما هو يمني تنم عن مرض نفسي أصاب أصحابها وجعلهم ينطلقون من أمراضهم المزمنة وليس من منطلقات فكرية ، لهذا تتسع دائرة العداء والإقصاء في حالة يرثى لحامليها كونها حالة أشد من الإيدز الغير قابل للعلاج ، حيث تبدأ دائرة العداء لكل ما هو شمالي ، دون التمييز بين المواطن والحاكم ، ثم تضيق نحو رفض كل من لم يكن من قرية عيدروس الزبيدي ، ثم من لم يكن من الضالع ، وهنا يقع في دائرة العداء الأبيني والحضرمي والمهري ،
يريدون صناعة هوية لا يشارك فيها جنوبيون من خارج دائرتهم ولا شماليون ، والدولة التي يريدون بناءها شبيهة بجدران دولة المدينة اليونانية من يقع خارجها برابرة ، لا يدخلونها إلا عبيدا ، والسؤال الذي يطرح نفسه : ما الذي يمنع الانتقاليون من أخذ زمام المبادرة لقيادة التغيير في اليمن كلها ؟ والجواب أن من يحمل مشروعا مناطقيا يبتز به اليمنيين ويقتات عليه ، لا يمكن أن يكون بحجم المشاريع الكبيرة .