من الواضح أن سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ستقود إلى كوارث واضطرابات وفوضى وانهيار في بنية المملكة وستصب بشكل مباشر لصالح إيران وإسرائيل صاحبتا مشروعي الشرق الأوسط الجديد والهلال الشيعي ، والمتتبع للسياسة التي يقودها بن سلمان يجد أن إيران كسبت في كل المواجهات التي كانت السعودية طرفا فيها ، ففي سوريا خرجت السعودية مذمومة مدحورة وبقيت إيران ، وفي لبنان تخلت السعودية عن حلفائها وبقي حزب الله الموالي لإيران ، وفي العراق ساعدت السعودية على ضرب المشروع القومي المناهض لإيران وسيطرت إيران على العراق ، وفي اليمن التي أنفقت السعودية على الحرب فيها مئات المليارات دمرت فيها الدولة والمشروع المقاوم لإيران وخرج الحوثيون مدججون بكل الأسلحة التي تجعل السعودية كلها تحت رحمتها .
سيكون بن سلمان للنظام السعودي كالبدر للإمامة في اليمن ، حيث كان آخر الأئمة الذين تولوا الحكم في اليمن ، الذين لن يقبل الشعب اليمني بعودتهم حتى لو ظلت الحرب ضد الحوثيين ألف سنة قادمة ، لمحمد بن سلمان دخل الحرب في اليمن معززا بتحالف تحت ذريعة إعادة الشرعية وإبعاد نفوذ إيران من اليمن ، والحقيقة أنه أبعد الشرعية من اليمن إلى الرياض وأعاد إيران إلى اليمن ، واتخذ مواقف شديدة التهور والعدائية في الملفات الإقليمية والدولية .
ومواقفه اليوم تجاه الولايات المتحدة الأمريكية تؤكد هذا التهور غير المدروس ، كان بإمكانه أن يتخذ مثل هذا الموقف إذا تمكن من الملف اليمني ومكن الشرعية اليمنية من حسم المعركة واستعادة الدولة ، لكنه يقدم على التحرش بمصالح واشنطن بعدما مكن إيران والحوثيين من تحويل اليمن إلى منصة لإطلاق الصواريخ الموجهة إلى صدر المملكة ، وهو يعلم بأن واشنطن تعد داعما رئيسيا للحوثيين وستحركهم في أي لحظة لاستهداف عصب المملكة الاقتصادي ولن يكون سلاحه قادرا على المواجهة ، لأنه سلاحا أمريكيا سيتحول إلى خردة بمجرد منع واشنطن تزويده بقطاع الغيار .
من يشجعون بن سلمان على التوجه شرقا في الوقت الراهن يدفعونه نحو الانتحار ، لأنه كان بإمكانه فعل ذلك قبل أن يدفع للرئيس الأمريكي ترامب 462 مليار دولار وكانت أمريكا في أضعف حالاتها
أما اليوم وبعد أن أطلق محمد بن سلمان النار على قدميه يريد الركض
نحو روسيا والصين فذلك الانتحار بعينه ، خاصة وأن خاصرته الجنوبية بيد أمريكا وإيران من خلال عصابة الحوثي الإرهابية .
والأهم من هذا كله أن المملكة مهما استثمرت مع الصين أو روسيا فإن قانون جاستا الأمريكي سيبتلع تلك الاستثمارات في ثوان حينما تحركه واشنطن ، وقد كانت أوروبا أشطر من المملكة حينما ضحت بمصالحها مع روسيا وفضلت العيش في الشتاء القارس ، لأنها تدرك أن مفاتيح التسوية بيد واشنطن وليس بيد أوروبا ، وهذا لا يعني بأنه ليس من حق السعودية أن تمارس حقها السيادي في اتخاذ القرار ، وإنما يجب اتخاذ القرار الذي يفضي إلى حفظ مصالحها وليس إلى مزيد من تعريضها للمخاطر ، وإذا أراد بن سلمان أن يجعل السعودية على الطريق الصحيح ، فعليه أن يترك الشرعية اليمنية تقوم وفق مفهوم الدولة ويعيد النظر في تحالفه مع الإمارات التي تسعى إلى قيادة المنطقة بدلا عن المملكة .