الحرب التي قادتها المملكة العربية السعودية في اليمن تحت ذريعة استعادة الدولة وإسقاط الانقلاب وكسر شوكة إيران في اليمن ، استطاعت إعادة تدوير النفايات السياسية في جميع الأحزاب السياسية
لكن ما يهمني في هذه القراءة هو المؤتمر الشعبي العام والدعوات المطروحة لإعادة توحيده ، وهي دعوات نبيلة لا شك في ذلك ، يتداولها طرفان ، الطرف الأول يتحدث بلغة أبي ذر الغفاري الذي يموت وحده دوما ، أما الطرف الثاني ، فيلعب لعبة عمرو بن العاص الذي يكشف عورته إذا اقتضى الأمر .
ولست بحاجة إلى القول إن وحدة أي حزب ومن ذلك المؤتمر لا يمكن أن تنطلق من الغرف المغلقة ، لأن من يخطط من داخل الغرف المغلقة لا يهدف إلا إلى صيانة مكاسبه وتذويب الحزب في بوتقة اختطاف قراره من ناحية واختطاف القرار الوطني من ناحية أخرى ، وتحويله من حزب وحدوي لكل اليمنيين إلى شركة مصالح مؤقتة ، بمعنى أدق أنهم يعيدون تدوير أنفسهم .
من تنادوا إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، هم من أجهزوا على وحدة المؤتمر وأبقوا على مواقعهم ومصالحهم ويسوقون لأنصارهم الخوف والرعب من الاستئصال، وهي حيلة مؤقتة تشبه تخويف الأطفال بالأشباح ليناموا سريعا ، جميع هؤلاء ذوبوا الحزب في بوتقة التحالف صيانة لمكاسبهم وليس لمكاسب الحزب واستمرارا لإخضاع الحزب مقابل التمتع بمباهج السلطة على طريقة البركاني وبن دغر وطارق وخلية مسقط وخلية الرياض، والأسماء الواردة هنا بصفتها جزءا من المؤتمر وليس بصفتها الشخصية .
منذ بداية الحرب وحتى اليوم وهؤلاء يعيدون تدوير أنفسهم أو إن شئنا الدقة السعودية والإمارات تعملان على إعادة تدويرهم في السلطة دون أن نلمس أي تأثير لصالح المؤتمر وصالح الوطن ، فكل ما نراه ونلمسه هو المشاركة في انتهاك السيادة الوطنية وهي سمة تشترك بها الأحزاب السياسية المنضوية في شرعية التحالف ، لكن كما قلت ، إن ما يهمني في هذه القراءة هو المؤتمر الشعبي العام .
أخلص إلى القول ، إن قيادات مؤتمرية تعيش بالقرب من القواعد وضحت بكل بهارج السلطة وعاشت الكفاف إيمانا بمبادئ المؤتمر وثوابته تعي أن ما يجري في هذه الغرف المغلقة في حقيقته ليس توحيدا للمؤتمر وإنما إعادة تدوير أشخاص ومواقع ، وهذا لن يتم مع أن الغالبية العظمى من المؤتمرين مع سرعة إعادة المؤتمر إلى وضعه الطبيعي كونه حزبا ولد من رحم الأرض اليمنية ويحمل مشروعا
يستوعب كل اليمنيين ، ولهذا فإن استعادة المؤتمر لدوره يعني استعادة المؤتمرين الذين خاصموه في لحظة معينة إلى حضنه حتى لا يظل هؤلاء يهدرون الوقت ويضيعون الفرص الثمينة ، ووحدة المؤتمر الحقيقية تعني الدمج بين قيادات تنحدر من المؤتمر السابع وقيادات لها إرث في المؤتمر وقيادات فرضها الأمر الواقع وأبقت على وهج المؤتمر في لحظات تخلى عنه الكثيرون وصنعت فارقا لصالح الحزب .