تساءل الكثيرون عن سبب تغييب النشيد الوطني اليمني من حفل رواد القراءة العربية الذي أقيم في إمارة دبي، وربما يجهل هؤلاء المتسائلون عقدة النقص المزمنة لدى المدن الخليجية التي أطلق عليها الروائي الراحل عبد الرحمن منيف " مدن الملح " في إشارة إلى الذوبان
وتغييب النشيد الوطني اليمني يعد صفعة جديدة لحثالات الإمارات من اليمنيين الذين فقدوا الإحساس بالصفع، ويؤكد لهم أنهم مجرد مماسح تمسح بهم الإمارات وسخها في اليمن .
ولست بحاجة للقول، إن الإمارات تعاني من عقد نقص مزمنة سواء في تاريخها أو في حكامها ، فقد لجأت في زمن المرحوم زايد بن سلطان إلى اليمن للبحث عن نسب يقوي به مركزه الاجتماعي في الخليج ، فاختار مأرب ، لأنه كان يعطي للإمارات حجمها الحقيقي أمام حجم اليمن الحضاري والتاريخي ، واليوم أولاده بعد أن تمكنوا من اليمن بواسطة حثالات من اليمنيين ، دفعهم ذلك للتنكر لهذا البلد ، اعتقادا منهم أنهم سيسرقون تاريخه وينسبونه إليهم .
ولن أضيف جديدا إذا قلت إن حكام أبوظبي مصابين بعقد النقص وبالشعور المزمن بالدونية تجاه اليمن ويعد النظام في أبوظبي الأول في التفاهة ، حيث يجتهد الإعلام الإماراتي ومن ورائه موجهه السياسي في أن يكون الأول في التاريخ ، فهم أول من صك العملات في التاريخ ولديهم أقدم رماد في العالم وأقدم سكين وأقدم ثعبان حديدي وأكبر برج ، نتيجة لشعورهم بالدونية يصنفون أنفسهم في المراتب الأولى ، حتى لو تعلق الأمر بحرارة الطقس فسيقولون لك أنهم أبرد منطقة في العالم .
لقد سرقوا كل ما وصلت إليه أيديهم من آثار اليمن ونسبوه لأنفسهم وبنوا متحفا أسموه اللوفر على اسم المتحف الفرنسي ، كل مقتنياته مسروقة من اليمن ومصر والعراق ، ومع ذلك فإن اليمن ومكانتها ومميزاتها التاريخية وفرادتها مسجلة ومحفوظة في التاريخ ومعقمة ضد كل انتحال أو السطو عليها ولن يضير اليمن أن يتسلى حكام أبو ظبي في إعلامهم بادعاء امتلاكهم لتاريخ اليمن أو تبني حقوقها .
فما تقوم به أبو ظبي في اليمن هو تعبير عن اختلال في التفكير السياسي وشعور بالنقص وما سرقة التاريخ سوى امتداد أو انعكاس لهذه الدونية التي جعلت نظام أبو ظبي يسعى بكل إخلاص لتفكيك اليمن وتمزيقه اعتقادا منه أنه يستطيع إزالة اسم اليمن ليلحقها به كما أزال ساحل عمان وأسماه الإمارات قبل خمسين عاما من اليوم ، وتغييب النشيد الوطني اليمني يأتي في إطار العقدة من هذا البلد ومحاولة محوه من الذاكرة إن أمكن ذلك ، والسؤال الذي يطرح نفسه :
إلى متى ستظل حثالة اليمنيين تقبل بمحو تاريخ بلدها لصالح بلد كان حكامه بالأمس يفخرون بانتمائهم إلى اليمن ؟