أدرك جيدًا حجم المخاطر التي تحيط بي وأدرك أيضًا جدية التهديدات التي أتلقاها ترهيبًا وترويعًا وتخويفًا وأعلم أنها صادرة من قوى تضمرُ الشَّرَّ وتمتهن الاغتيالات وتسير في مسالك القتل لا يردعها ضمير ولا تقوى الله قدر ما تعمد إلى جعل الدَّم مشاعًا والحياة جحيمًا.. واعرف معنى هذه التهديدات وما تهدف إليه ولعلِّي قد وقعت في أكثر من تهديد يعرض حياتي للخطر ولم تكف هذه التهديدات أو تتوقف منذ انطلاقة مسيرة العدد الأول لصحيفة الشموع وحتى اليوم.
ولستُ مِمَّنْ يتحدث عما يتعرض له من تهديدات وهي مرات كثيرة لكوني مؤمن بقضاء الله وقدره وأن لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ولا ينزع الروح غير خالقها.. لكنني في كل الأحوال أقيم مدى جديتها من حيث مصدر تلك التهديدات واتخذ ما يلزم حيالها قدر ما أستطيع وبعد ذلك الله هو الحامي. وما دفعني لهذه الإشارات هو أن وتيرة هذه التهديدات ارتفعت ومن أطراف متعددة، وزادت كمية الإرهاب بما لا يقل عما كان في السابق وبين تهديد وآخر أجد الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى أما بالقتل أو بالاختطاف ورابع يهددك باسم السلطة وخامس يهدد باستخدام القانون وذاك باسم الجنوب. والجميع منهلهم واحدًا ورغبتهم واحدة وعقيدتهم القتل وسفك الدَّم الحرام.
ولا أنكر هنا أن بعض الجهات التي تلقيت منها تهديدات قد نفذت تلك التهديدات ومن ضمنها القتل غير أن إرادة الله والأقدار كانت هي الحائل والحامي.
ولا أريد هنا سرد تفاصيل ما تعرضت له، بل أريد من خلال هذا أن ابعث رسالة واضحة جلية للجميع، وهي كالتالي:
إنني على عقيدة راسخة بأن لا مكان لِي في هذه الحياة إلا حُرًّا أبيا ناطقًا بقول الحق مجاهدًا ضد ميليشيات الطائفية رافضًا لتقسيم وطني محاربا للفساد مدافعا عن المظلومين.. ودون ذلك فإن باطن الأرض أشرف لِي من الحياة دون حريتي وأنني ما حييت سأبقى مدافعًا عن الجمهورية مجاهدًا بالكلمة في خنادق العز والشرف بجوار أرجل الرجال وأطهرهم أفراد وضباط الجيش الوطني والمقاومة.
وأدرك جيدًا أن المواقف الوطنية الصادقة في هذه المرحلة الحرجة والمعقدة التي تمر بها البلاد لها تبعاتها ولها ثمن باهظ لكنه يهون أمام عظمة الأمانة وعظمة القيم والمبادئ والأهداف السامية التي علينا التضحية من أجلها. ففي سبيل عزة وكرامة الوطن والإنسان تهون كل التضحيات وليست أرواحنا أغلى من أرواح من ساروا على ذات الدرب فداءً للوطن.
لذلك أقول: وبالفم المليان والصوت العالي إنني مستعد للتضحية ولن أحيد عن مواقفي ومبادئي قيد أنملة ما حييت.
فحرية الأوطان واستعادة سيادتها لا تأتي بالمجان وإن هزيمة الطائفية لا بد لها من ثمنٍ وثمنٍ غالٍ، ونحن على استعداد كامل لدفع هذا الثمن.
فماذا تعني الحياة لنا دون كرامة؟!
ما معنى أن يعيش الإنسان خانعًا ذليلًا مهانًا؟!
فلا كانت حياة هي عبودية وإذلال وارتهان ورخص واستجداء. من أجل ذلك
الهدف السامي المقدس دوما يستحق التضحية والتضحية هنا واجبًا وليست مِنّة.
بل هي شرف لا يبلغه شرفًا آخر (فالجود بالنفس أغلى غاية الجود).
وأمام ذلك لا مجال للترغيب بمكاسب تافهة بقدر حجم ما ضحينا به من دم ومال وممتلكات
ولا مجال للترهيب.. فلا يوجد في هذه الحياة ما يجعلنا متشبثين بها.
لذلك أقول: وفقا لذات المعنى القيمي الخلَّاق والمبادئ التي نسير عليها ونؤمن بها وهي راسخة في عقولنا ووجداننا أن من عرض علي المال والاعتمادات والتعويض السخي لما تعرضت له المؤسسة في عدن من إحراق ونهب وسرقة.. لو كان في عقيدتي أن ممتلكاتي أثقل في الميزان من حريتي وديني ووطني لكنت قبلت عروض ما قبل إحراق المؤسسة في عدن، ولكنت جنيت من الأموال ما يجعلني مالك أكبر إمبراطورية إعلامية في اليمن لكن عقيدتي الراسخة أن الأموال والممتلكات نحن من نصنعها ولا يمكن أن يبيع من أوجد تلك الأموال نفسه بذات المال.
وإن من عاش وتنفس وتذوق الحرية لا يمكن أن يقبل بغيرها
فالعبودية جحيمًا في الدنيا وعذابًا في الآخرة
والفارق بيننا وبينهم أننا نتشبث بالحرية لأننا ذقناها وعشناها وعرفنا قيمتها وماذا تعني للإنسان
وختامًا .. أقولها للجميع بعقيدةٍ راسخةٍ كجبال عيبان وشمسان.. لا ترهبني تهديداتكم ولا تغريني أموالكم الحرام.. وحقوقي المشروعة قانونًا لن أتسولها بل سأنتزعها منكم.
لن أتوقف عن الدفاع عن الجيش والمقاومة فذلك فرضًا عليا كفرض الصلاة فهل لعاقل مؤمن أن يترك الصلاة.
ولن تتوقف معركتنا ضد طائفية الانقلاب الحوثي إلا بالنصر الناجز -بإذن الله- استعادة مؤسسات الدولة وتحرير صنعاء
ولن نقبل بالوصاية الخارجية.. ولن نقبل بسيادة وطننا منقوصة
ومن يعتقد أننا ضعافا فقد أخطأ في اعتقاده.. فإيماننا بالله راسخ كالجبال لا تهزه الرياح.. قوتنا في قداسة قضيتنا وعدالة أهدافنا.
نحن نقاتل من أجل استعادة الجمهورية الدولة لكي نعيش تحت ميزان عدالتها متساوون في الحقوق والواجبات.. لا من أجل نهب ثرواتها وسرقة أموالها. ونؤمن أن الوطن سينتصر على قوى البغي والشّرّ ومن يريده وطن مستلبًا فاقدًا السيادة والاستقلال. وإننا في ذات الخندق نناضل ولدينا من العزيمة وقوة الإرادة ومواجهة التحديات ما تجفل أمامها قوى الطغيان والبغي وما يهزم الأشرار أينما وكيفما وجدوا. وإن ما نعيشه من جور وأذى وما يلحق بنا من تخويف وترويع ليس سوى هذيان وسيبقى في نقطة الصفر بل تحت الصفر بلا معنى لأننا أصحاب حق وطلاب حق وليس من طريق لنا غير النصر وحيازة الوطن رفعة وسيادة واستقلال وكرامة وحرية لا يفقهها من أعماهم المال وأفقدهم صوابهم وجعلهم مجرد أدوات متآكلة لا تقدر على امتلاك كرامتها وحقها في الحياة لأنها جبلت على الخنوع والارتهان. وأيّم والله لو أن ما في الأرض ذهبا مقابل وطن نتنازل عنه وقيم نتخلى عنها لما رضينا ولاخترنا الموت كرماء على الحياة أذلاء. هذا ما يجب أن يفقهه كلاب الصيد من دأبوا على التهديد والوعيد. وما يجب أن يعقله من ساروا في طريق الغواية ووقعوا في دناءة الاستجداء والرخص وبيع الضمير. وهنا يستحضرني قول الشاعر المتنبي:
فلا عبرت بي ساعة لا تعزني.. ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما
وأني من قوم كأن نفوسهم.. بها أنف أن تسكن اللحم والعظما
أخيرا نقول: (ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين) صدق الله العظيم