هذا العنوان استعرته من أحد الأصدقاء ، كان قد سألني إياه ، بعد أن سمع عن الحوارات الجارية بين القيادات السعودية والقيادات الحوثية برعاية ومقترحات أمريكية ، أشار إليها السفير الأمريكي السابق لدى اليمن كريستوفر هنزل ، حيث قال : إن بلاده تشجع السعوديين في تعاملهم المباشر مع الحوثيين وتقديم حوافز مالية لازمة لإقناع الحوثيين بتقديم التنازلات .
في الوقت نفسه ، كان السفير الأمريكي الحالي يخدر الشرعية ويسوق لها الأوهام ، فقد عبر من عدن عن تقديره لالتزام الحكومة اليمنية بإعادة السلام والاستقرار إلى اليمن ، وأقر بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة للمضي قدما بالإصلاحات وتحسين الخدمات واستقرار الاقتصاد اليمني وأعرب عن أسفه لعدم رغبة الحوثيين في التوصل لتجديد الهدنة التي بدورها ساهمت خلال ستة أشهر في إغاثة ودعم الشعب اليمني .
يعرف السفير أنه يكذب ، وتعرف الحكومة أنه يكذب ، لأنه لا توجد إصلاحات ولم تتحسن الخدمات ولم يستقر الاقتصاد ، كل هم السفير ألا تكون هناك حرب على ربيبة أمريكا جماعة الحوثي التي تشن حربا على اليمنيين وتهدد المنطقة والملاحة الدولية ، وكل ما قدر عليه السفير ، هو التعبير عن أسفه لعدم رغبة الحوثيين في التوصل لتجديد الهدنة ، والنظر إلى الشعب اليمني من الناحية الإنساني أنه يستحق الإغاثة وليس إنهاء الحرب .
لعل المبعوث الأمريكي إلى اليمن ، ليندر كينج ، كان الأقرب إلى الواقعية السياسية ، حيث قال ، إن مستقبل اليمن في أيدي اليمنيين ، هم الذين سيتخذون القرارات الرئيسية بشأن التصرف في بلدهم ، وكأنه يقول لقيادات الشرعية ، إن ترككم للسعودية تقود المفاوضات مع الحوثيين ، سيساهم في إطالة مدة المعاناة وفي كلفة الحرب وستتفاقم الأمور إلى حدود أخطر وأفدح مما تظنون .
حسنا فعلت السعودية في التفاوض مع الحوثيين ، تلك الخطوة تنطوي على فضح الدجل الذي يميز سياسة أولئك الذين يواصلون سياسة مراوغة وقذرة حيال خطر لم يعد يستثني أحدا ، وحسنا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية التي ظهرت على حقيقتها في دعم الحوثيين لكي تستنزف بهم حلفاءها بالدرجة الأولى ، ولكي تواصل استخدام أزمات المنطقة ومآسي شعوبها في خدمة تعزيز النفوذ الإسرائيلي بالدرجة الثانية .
على قيادات الشرعية أن تتلمس خطواتها بدقة وأن تغادر مربع التردد في ضوء المتغيرات المتلاحقة والتناقضات المتعددة ، والمطلوب منها أن تتحرك وتبادر وليس الانتظار لما سيفضي من لقاءات القادة السعوديين بالحوثيين ، فالرهان على خطوات المملكة هو رهان خاسر
وأنه لا بد من تعاطي سياسي جديد ، وعلى السعودية أن توقن أنها لن تشتري أمنها من الحوثيين بالمال ، وأن ما تزرعه في اليمن حتما سوف تحصده في السعودية ، وأن الحوثيين الذين تتداخل مواقعهم ومواقفهم مع إيران سيأخذون المال وسيبقى ولاءهم لطهران .