تصريحات رئيس مجلس النواب حول دور الولايات المتحدة الأمريكية في وقف معركة تحرير صنعاء ووصفه لاتفاق ستوكهولم بالاتفاق الغادر تعد وصمة عار في جبين رئيس البرلمان والبرلمانيين، هذا التصريح يعد إعلان براءة من المشاعر الوطنية ، بل يعد خيانة وانسلاخ من المسؤولية ، إنه أسوأ موقف يقفه مجلس نواب في العصر الحديث، إذ يرى تدخل دول في شأن بلاده ولا يجتمع لمناقشة ذلك التدخل وحث الحكومة ودعوة الشعب لمواجهته .
كان يفترض على رئيس البرلمان ألا يعلن ذلك في خطاب حماسي بعد أربع سنوات من الحرب وتدمير اليمن وتحديدًا منذ انعقاد البرلمان في سيئون، كان الأجدى به أن يناقش ذلك مع نوابه داخل المجلس في حينه، فالإعلان عن ذلك وبتلك الطريقة ما هو إلا إعلان براءة وتنصل وتخل عن المسؤولية ، بل وتقديم خدمة جليلة ومجانية للحوثيين بالصمت على التدخل الأمريكي في شؤون اليمن وعرقلة مواجهتهم ، من المؤسف أن يتخلى البرلمان عن دوره التشريعي والرقابي وسقوطه السياسي بهذا الشكل .
والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف يصبر نواب ذوو نبل حقيقي ، على ما يرتكب باسمهم ولا يفعلون شيئا ؟ كيف يجوز لبرلمان عمره عشرون عاما ، يفترض أنه أصبح لديه من الخبرة ، أن يكون بلا ضمير إلى هذا الحد ؟ لماذا خدعنا البرلمان طوال هذه الفترة وظل يخفي عن الشعب حقيقة أهداف الحرب ؟ ولماذا ظل يبرر للشرعية كل معاركها الخاسرة دون مساءلتها ؟
لماذا سكت البرلمان ورئيسه طوال هذه الحرب عن نصب التحالف علينا وزعمه بتحرير صنعاء وهو يعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية قد وضعت خطوطا حمراء؟
ولماذا أصلا نخضع للخطوط الأمريكية، فأين قرارنا، وأين هي سيادتنا؟ ألا يدل كل ذلك بأن البرلمان كان ينصب علينا ولم يصارحنا بحقيقة ما يجري؟
لماذا قاتل رئيس البرلمان لتشكيل تحالف من المنتفعين ليلتحقوا بقافلة البحث عن حصة في الغنيمة؟
أين كان رئيس البرلمان يوم استبدل التحالف دخول صنعاء بدخول عدن، من المنطق تماما القول إن البدايات غير الأخلاقية لا يمكن أن تؤسس لنهايات أخلاقية، ولكن من الذي يعير الأخلاق أي اهتمام؟
لقد ظل مسؤولو برلمان النصب ينكرون أن هدف التحالف هو تدمير اليمن، فقد اقتنع الراغبون بالاقتناع أن السعودية والإمارات تحولتا إلى جمعيتين خيريتين تنفقان عشرات المليارات من الدولارات من أجل استعادة الديمقراطية في اليمن ومن أجل أن يتعلم اليمنيون الذهاب إلى صناديق الاقتراع .
في خضم هذا كله ، كانت عملية النصب التي يمارسها البرلمان قد تحولت من خطاب سياسي يبرر الانقلاب على الشرعية إلى ثقافة تقدم احتلال جزر اليمن وموانئها على أنه نصر لليمن ، وحقيقة الأمر أن ذلك لم يكن سوى تعبير عن انحطاط سياسي وأخلاقي مطلق وكان البرلمان ورئيسه غائبين تماما ومارسوا الصمت حيال ذلك ، ويبقى السؤال : ما جدوى البرلمان عندما لا يأمن الناس على أبسط مقومات حياتهم ؟
وما جدوى برلمان يصمت عن بناء مليشيات داخل رحم الشرعية ويسكت عن حرب هو يعرف أنها لن تطال الحوثيين ؟
أخيرا وليس بآخر ، هل يمكن استعادة وطن بلصوص ؟
وإذا كان لا يمكن ائتمان هؤلاء على منح دراسية ، فكيف يمكن ائتمانهم على وطن ؟
وهل بقي لدى أي أحمق أي شك، بأن من يعتبر بلده حديقة خلفية للسعودية إلا أن يكون مجرد بستاني فيها ؟ والسؤال الأكثر مرارة، هل يمكن حسم حرب يديرها ويحدد قواعدها التحالف وعملاؤه ونصابوه؟
هل هناك من يعتقد حقا أن هذه الحرب سوف تسفر عن تحقيق انتصار ؟
وإذا كانت أمريكا هي التي تحدد قواعد الاشتباك فلماذا كل هذه المليشيات وهي غير مسموح لها بمواجهة الحوثي ؟