ملف وزارة الخارجية هو أحد الملفات الغامضة، خلال السنوات الماضية، وقد أحيط بالكتمان والتستر، بالرغم من أن الوزارة تعنى بالسياسة الخارجية والتأثير على الدول بهدف استمالتها وكسب تأييدها
وتتعامل مع ملفات حيوية وحساسة وهي الدبلوماسية، بمعنى أننا أمام مؤسسة يفترض أن تكون أعمالها ونشاطاتها واضحة كالشمس أمام الجميع، لكن ما حدث عكس ذلك تماماً .
دائما الدول التي تتعرض للحروب وللأزمات المالية تلجأ إلى التقشف وتقليص بعثاتها الدبلوماسية، لكن ما حدث في الخارجية اليمنية كان العكس من ذلك، حيث زادت التعينات إلى حد التضخم وفتحت بعثات دبلوماسية في بلدان ليس لليمن مصالح معها، بل وتم ابتكار مسميات وعناوين غريبة عجيبة للوظائف مثل : الملحق الشرطي، ضابط ارتباط أمني، مندوب رئاسة الوزراء، ملحق المغتربين، لم يعد الفساد يخجل، بل أصبح إبداعا ولم يعد ينقصنا سوى الاحتفاء به وأن نقيم له المهرجانات .
ويأتي فساد وزارة الخارجية في إطارين: الإطار الأول، البعثات الدبلوماسية، والإطار الثاني، الملحقيات الفنية، ففي الإطار الأول تمت التعينات خارج قانون ولوائح وزارة الخارجية وجيء بموظفين لا علاقة لهم بالسلك الدبلوماسي، أما الملحقيات الفنية، فبالإضافة إلى فتح ملحقيات جديدة في مناطق لا تحتاج إلى فتح مثل هذه الملحقيات، تم أيضا إبداع مسميات جديدة وتم التحايل لغسيل أعداد كبيرة من الموظفين وتحميلهم على السلك الدبلوماسي .
وفي المحصلة، فإن البارز في مجمل عمل وزارة الخارجية والسفارات اليمنية هو الغياب التام للعمل الدبلوماسي، ولا تغرنكم رحلات بن مبارك التي لا تنقطع، فأغلبها دعوات ليست رسمية وغير مرتبطة ببرتوكولات الخارجية وتقوم على الطلب الشخصي من قبل الوزير الذي جند عشرات المواقع الإلكترونية التي ترافق رحلاته المكوكية الوهمية بالتغطية الكاذبة، أما السفراء فيكفي أن تنظروا ماذا أنجز سفراؤنا في الدول الخمس دائمة العضوية، فسجلاتهم حافلة بالفشل ولم يستطيعوا إقناع هذه الدول بتصنيف عصابة الحوثي، كـ"جماعة إرهابية" .
إن العمل الدبلوماسي لا يحتاج إلى هواة ولا إلى من يحتاجون النقاهة الصحية، فالخط البياني يشير إلى الضوء الأحمر، فوزير الخارجية أحمد بن مبارك وسفراؤنا في الدول الخمس دائمة العضوية وفي سويسرا والرياض وأبو ظبي الذين قذف بهم سوء طالع الشعب اليمني وخدمتهم الظروف في أن يكونوا في هذه المواقع قد جعلوا الدبلوماسية فارغة من أي نجاح يذكر، فبن مبارك مشغول في تعيين أقاربه وأبناء بعض القيادات المنتفعة وإجراء تنقلات دبلوماسية حسب ما تمليه عليه مصالحه الخاصة بعيدا عن مصالح البلاد والعباد .
لقد حاول بن مبارك ومن سبقه باستماتة أن يقصوا الكفاءات الوطنية من أبناء وزارة الخارجية المتمرسين في العمل الدبلوماسي وذهب ليختار بضاعته من خارج الوزارة ، ومن المحرج للغاية والمخزي جدا أن يتوقف مجلس القيادة الرئاسي عن تصحيح المسار داخل السلك الدبلوماسي وأن يخضع لمقايضة المجلس الانتقالي بالمناصفة وعلى أي أساس تكون هذه المناصفة والدبلوماسية اليمنية تتحدث بلسان الجمهورية اليمنية المعترف بها في المحافل الدولية ، بينما الانتقالي لديه دولة في عالم الوهم وعلمه الوطني هو علم دولة الإمارات ، فعلى أي أساس يجاري رئيس المجلس وبقية الأعضاء مثل هذا الطلب ؟ فهل لم يبق أمام الانفصال إلا أن نعطيه حصة في المحافل الدولية؟
أخلص إلى القول، إن مجلس النواب هو الذي يتحمل مخرجات هذا الفساد الذي تديره الحكومة وتعبر عنه بشكل واضح وزارة الخارجية
التي تتقاضى مرتباتها من القروض التي تسجل على ذمة كل يمني وسيكون أبناؤنا مطالبين بتسديد قروض تم تحويلها لمجموعة من السفلة واللصوص كرواتب وقيمة شقق وفلل في الخارج، فمن القبح
والحقارة أن يتخلى مجلس النواب عن دوره في تشكيل اللجان للمساءلة وإقالة الوزراء ورئيس الوزراء الذين يسرقون قوت الشعب
بعد أن أداروا حربا لسرقة حياته .