في زيارة لم يعلن عنها، كُشف النقاب عن أن وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية، الفريق الركن محسن الداعري، يوقع اتفاقية للتعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب مع القائم بأعمال وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي، وزير العدل عبدالله النعيمي .
إن أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الاتفاقية ويعكس خطورة الشديدة على مستقبل الدولة اليمنية، أنها تُخرج الإمارات العربية المتحدة عملياً من دائرة الالتزام تجاه التحالف، وكشريف في التحالف العربي لدعم الشرعية، الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وربما شكل هذا التوجه تعبيراً عن رغبة إماراتية في التحلل من الالتزام للقيادة السعودية وعلى نحو يسمح لها بالتصرف على الساحة اليمنية ظاهرياً باسم التعاون مع الشرعية، وعلى المستوى العملي الأمر سيقتصر على إدارة علاقاتها من الأدوات العسكرية التي أنشأتها ودعمتها وتوجيهها فوقاً لأولوياتها الجيوسياسية .
ما من شيء يمكن أن يقدم تفسيراً آخر، يتناقض مع الاعتقاد بأن التوجه الحالي لأبو ظبي هو توجه منفصل ومتحلل من المسؤوليات التي يفرضها التحالف بين اليمن وكل من الإمارات والسعودية، وأن هذا التوجه يرمي في المقاوم الأول، إلى إعادة صياغة وتأطير علاقات أبو ظبي مع اليمن على المستوى الثنائي، وتحديد أولوياتها القصوى من التعاون المفترض مع الحكومة التي تفقد السيطرة على مسرح العمليات العسكرية، وتتعدد فيه القوى التي تقاتل لغايات وأسباب مختلفة .
إن تحديد هدف محاربة “الإرهاب” كأولوية ضمن في اتفاقية التعاون العسكري والأمني اليمنية الإماراتية، لا يعني مباشرة أن “الإرهاب” المقصود هو ذلك الذي يهدد وجود الدولة اليمنية، والذي تمثله جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران والتي نجحت مؤخراً في تعطيل إنتاج وتصدير والنفط ووضعت الشرعية والشعب اليمني أمام تحدي الانهيار الاقتصادي والمعيشي المحتمل إذا استمرت خزينة الشرعية بدون التغذية التي تأتيها من بيع النفط .
فمكافحة “ الإرهاب" من المنظور الإماراتي بات يشير إلى كائنات هلامية حملت في السابق سمت “الإرهاب" ونشطت وفقاً لأجندات إقليمية ودولية متعددة، ورفعت راية القاعدة وأنصار الشريعة وغيرهم. ومع ذلك فإن الإمارات لا ترى “ الإرهاب" إلا ذلك النشاط العسكري والأمني المرفوع السقف والواسع الأفق، والذي يستهدف بشكل خاص محاصرة قوى سياسية هي جزء من السلطة الشرعية وتواجه الحوثيين وتشكل جزء من الأجندة السياسية للشرعية .
خلال المرحلة المقبلة سيستمر الإعلام الإماراتي ومن يسانده في الداخل في الحديث عن التحركات العسكرية المزعومة لمحاربة “الإرهاب" وهي مهمة تقتصر عملياً على التشكيلات المسلحة الانفصالية، وسيصبح التدخل العسكري الإماراتي واستخدام الطائرات بدون طيار مكفول بقدر كبير من الحماية القانونية .
سيتمتع بسقف مفتوح حده السماء وغطاء شرعي بالكامل، لن تضطر معه المسيرات الإمارتية إلى قتل الجيش الوطني بالسر، كما فعلت في مدينة عتق قبل عدة أشهر، بل ستظهر كدولة شقيقة تقدم العون لبلد شقيق، وفي الحقيقة نحن نرى كيف يعاد تشكيل القوات المسلحة تحت مسميات عديدة لكنها لا تمت للجمهورية اليمنية بصلة .
ومع ذلك يجري الحديث عنها باعتبارها القوات الشرعية التي ستحضر الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي في الوقت المناسب لإثبات أن هذه الجماعات المسلحة ذات الأجندات المعادية للدولة اليمنية، هي الذراع الذي يمثل السلطة السياسية(الشرعية) تماماً كما حدث في محافظة شبوة .