غابت اليمن كليًا خلال سبع سنوات عن الحضور العالمي، وانكمشت الشرعية على نفسها نتيجة لغياب القائد، وانحصرت وظيفة الدولة في محاولات إطفاء الحرائق بطرق أدت إلى تفاقمها واستمرار تأثيرها المثبط عن هدف استعادة الدولة .
خذلت القيادة شعبها في إيصال صوته إلى الخارج، واعتمدت على سفراء وبعثات دبلوماسية اكتفت بمصالحها الأنانية وأمانها الذاتي، وتقاعست عن واجبها بنقل سردية الصراع على حقيقته، وأصبحت
البعثات الدبلوماسية مثقلة بآلاف الوظائف، نتيجة لتحولها إلى هدف للإرضاء أو جائزة للانتهازيين، وتحولت وعود الوزراء المتعاقبين إلى تصريحات للاستهلاك الإعلامي، ومبررات جوفاء لعدم الرغبة في التغيير والإصلاح .
وفي ظل حاجة يمنية لحضور عالمي ينقل الرؤية اليمنية بوضوح، ويستدعي حشد المواقف، اكتفت القيادة بالصمت، وساهمت البعثات الدبلوماسية وسفراء اليمن في تحويل الدور الدبلوماسي لمجرد وظيفة بلا مهمة، بل وصل الأمر إلى اشتغال بعض السفراء بالإضرار بالقضية اليمنية عمدا أو عجزا أو إهمال .
هذا الغياب الذي أدرى إلى كوارث في المواقف الدولية، وعمل على تبني دول لرؤية للحل في اليمن بعيدة عن حقيقة الصراع وخطورته وبعده الإقليمي، والتعريف بمعركة اليمنيين مع جماعة إرهابية، ونقل معاناة اليمنيين جراء جرائمها، كل ذلك استدعى ويستدعي تحولا في أداء القيادة والحكومة، وإصلاحا شاملا لمؤسسة الخارجية لجهة تصحيح هيكل بعثاتها، وتفعيل دورها كممثل الدولة وساسياتها .
في الشق الأول، مثلت التحركات الرئاسية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، محاولة متقدمة لمعالجة جزء مهم من ذلك الخلل، وعكست نشاطاته الخارجية رؤية مأمولة من مجلس القيادة الرئاسي، واستعادت إلى حد كبير الحضور المطلوب للقضية اليمنية في المحافل العربية والعالمية، وستسهم بلا شك في إعادة التعريف بها، وتصحيح الصورة النمطية المغلوطة التي أسهمت في تكريسها سنوات من الكسل الرئاسي والعجز الدبلوماسي، والإعلام المنكفئ على ذاته داخليا .
ورغم أهمية تلك التحركات وضرورتها وفاعليتها، فهي بلا شك تستدعي إصلاحا فوريا في بنية السلك الدبلوماسي، وتنقيته من الدخلاء عليه، وتغييرات تستهدف تفعيله، ليكون رافدا لجهد القيادة، ومكملا ومتابعا لنتائجها، وجزء من الإصلاح الشامل لاختلالات أثرت سلبا على أداء مؤسسات الدولة ووظيفتها .