امتلأت كشوفات البعثات الدراسية والبعثات الدبلوماسية بأبناء المسؤولين وخلت كشوفات الجرحى منهم لأن الجرحى فتية آمنوا بوطنهم ونزفت جراحهم ليحيا الوطن وحفروا الخنادق بأجسادهم وكتموا على جراحهم الممزوجة دماؤها بملح الأرض كي يشقوا طريقنا إلى وطن آمن بلا خوف، لكننا خذلناهم ووزعنا جراحهم بين الفصائل، قاتلوا باسم وطن واحد وأصيبوا لأجل وطن واحد، فأبينا إلا أن نوزعهم بأسماء متعددة، ما بين جرحى مأرب والساحل والعمالقة والانتقالي .
إننا أمام أعظم شريحة قدموا أجزاء عزيزة من أجسادهم في سبيل الوطن المغدور، فبدلا من مكافأتهم وتقديم الرعاية الصحية وتوفير حياة كريمة لهم ، إذا بنا نعرضهم للإهمال ونقطع مخصصاتهم ، إنهم أشرف ممن يتقاضون مرتبات في بعض سفاراتنا وهم يعملون بنفس مناطقي ولم يقدموا لليمن سوى الصورة القبيحة للدبلوماسي الفاقد لشرف المهنة والشرف الوطني .
مهما حاول البعض نسيانهم ، فإنهم سيظلون يذكروننا بقيمة الوطن وكرامته ، حينما يرفعون أيديهم المقطعة أو يقفزون بأرجلهم المبتورة وينظرون بعيونهم المطفأة ، فهم الشاهد الحي على هذه الحرب العبثية التي لم تسترد شرعية ولم تسقط انقلابا ، وكأنها قامت كي يكون ياسين سعيد نعمان ورياض ياسين وأمثالهم سفراء ومعين عبد الملك وأحمد بن مبارك وأمثالهم وزراء .
إن ما يتعرض له الجرحى من إهمال وقطع لمخصصاتهم يعد جريمة لا تغتفر ، فالشهداء والجرحى والأسرى هم أشرف من أولئك الذين يتاجرون بدمائهم وجروحهم ويتقاضون مرتبات ثمنا لاستباحة وطنهم ، إن علاج الجرحى ومرتباتهم ليست منة من أحد ، إنهم الشهود الأحياء على هذه الحرب ، يتوزعون ما بين الداخل والخارج ينتظرون أي خبر عن مخصصاتهم المقطوعة ، بينما أمراء الحرب يتقاسمون المنح الدراسية والتعينات الدبلوماسية التي تعود بالأذى على الوطن .
هؤلاء الجرحى كانوا ضحية حرب ليست ككل الحروب ، فهي حروب متعددة في حرب واحدة ، لم تكن بين الشرعية وعصابة الحوثي الإرهابية فحسب ، بل دارت بين الإصلاحيين والمؤتمريين وبين المؤتمريين والمؤتمريين وبين الانتقالي والإصلاحيين وبين الشماليين والجنوبيين وبين الجنوبيين والجنوبيين وبين الشماليين والشماليين،
إضافة إلى التحالف الذي قاد هذه الحرب وأدار مجرياتها .
وبما أن يوم ١٠ ديسمبر هو اليوم العالمي لحقوق الإنسان ، فإنني أدعو إلى جعل هذا اليوم يوما وطنيا للجرحى وأدعو مجلس النواب إلى إصدار قانون يكفل لهذه الشريحة الحياة الكريمة ، كما أدعو إلى تشكيل وزارة تختص برعايتهم ، أسوة بوزارة الخارجية التي أصبحت تختص برعاية المعاقين ذهنيا هم وأسرهم وتوفر لهم النقاهة في مختلف دول العالم ، فالمعاق ذهنيا لا يمكن أن يقدم شيئا والدليل على ذلك ما قدمه سفراؤنا في الدول دائمة العضوية ، أما المعاقون بدنيا فقد أنجزوا حماية الوطن من السقوط .