كان اللواء ناصر الذيباني "أبو منير" بحق رجل المهمات الصعبة، والمنقذ في اللحظات الحاسمة ..
من عرفه عن قرب يدرك ماذا تعني مهابة وجلال القائد العسكري والذي يجعل كل القادة والضباط مهما علت رتبهم ومناصبهم يبدون في حضرته مجرد تلاميذ. لم تكن هذه المهابة بهيلمان وموكب ولا بتصنع الغموض ونسج الأساطير حول شخصه، ولكن كانت بما يحمله من رواح فدائية واهبة، وبساطة تجعله الأقرب إلى كل الأفراد والأكثر حضوراً في كل المواقع .
منذ أطلت الإمامة الجديدة بقرونها واجتاحت العاصمة صنعاء انحاز دون تردد للدولة وانتصر لشرفه العسكري، ومنذ ذلك الوقت لم يخلع بزته العسكرية ولم يضع بندقيته أو يخلد إلى الراحة يوماً، يخطط وينفذ ويعزز ويرفع المعنويات، كان هو ونخبة من المقاتلين الذين لازموه هم كتيبة التعزيز الجاهزة على الدوام ويمكن القول كتيبة ليس بالعدد وإنما بالأثر .
أنفته واندفاعه وقوة شخصيته ونظافة يده جعلته يواجه الكثير من الصعوبات وكان في لحظة ما يجد نفسه مستبعداً من مواقعه القيادية التي لم يكن يرى فيها أكثر من مترس لأداء مهمته، ولهذا فحين سمع النداء الأخير بدا له مكتب رئيس هيئة العمليات الحربية غير لائق .
وعلى طريقة الفدائيين العظماء وحين كانت نيران العدو تدك الأسوار الأخيرة خرج واضعاً روحه على طرف بندقيته وقذفها لهباً في وجه عصابات الشر، وعلى مقربة من الزفرة الأخيرة التي أطلقها الشهيد البطل علي عبدالمغني سكب "أبو منير" دمه بسخاء كدرس عملي أخير في التضحية والفداء لمن يستكثرون على الوطن التضحيات أو يستخدمون القضايا العظيمة للمزايدة والتكسب .
نقف في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد هذا القائد البطل لنستلهم الدروس العظيمة التي قدمها لنا حياً وميتاً .
رحم الله اللواء ناصر الذيباني وكل شهداء الوطن وتقبلهم في عليين .