في ٢٠١٤ كان الحوثي يملأ الدنيا ضجيجاً عن الإرهاب محاولاً إلصاقه بوحدات الجيش ورجال القبائل الذين كانوا نيابة عن الجميع يقاومونه في عمران والجوف وأطراف صنعاء؛ وإلى جانبهم من يؤيدهم من القوى السياسية التي تنبهت لخطره مبكرا، وكانت ثلاث مفردات ( الإرهاب - الدواعش -التكفيرين) تغطي مساحات واسعة من كلمات زعيم الجماعة وتناولات وسائل إعلامها، وهذا الخطاب الإعلامي لم يكن عبثياً البتة؛ بل كان محاولة جادة للحصول على تصريح دولي يحارب الحوثي تحت عنوانه ويقتل بموجبه اليمنيين، لكن الأمر لم يحتاج سوى أقل من عام واحد ليكون هو الإرهابي الأول في نظر الكل؛ بما فيهم أولئك الموهوبين بملكة التصفيق بحرارة الذين أحمرت أكفهم وهم يصفقون لتحركاته .
التجربة الحوثية هذه في الاستثمار ببورصة الإرهاب وما انتهت إليه من انكشاف يؤكد التخادم بينه والجماعات الإرهابية يفترض أن تستفيد منها كل القوى على الساحة وبالأخص المتحمسة لخوض أي معركة حتى من تلك التي لا تجد لها عناوين مقبولة؛ لكن الحاصل أن كيانات مستجدة على السياسة وقضايا الناس منحتها الصدفة والحسابات التي لا تفهمها؛ امتيازات أكبر بكثير من استحقاقها وبما يفوق قدرتها على استيعابها وتوظيفها لصالح المجتمع التي تدعي تمثيله؛ تختلق كل يوم معركة عبثية وتظهر لِتقلد نفس الخطاب الحوثي الطائش عندما تمنح نفسها حق تقييم من تختلف معهم من القوى الوطنية؛ وتتجرأ على وصمها بالإرهاب في تحدٍ واضح لموقف الدولة التي تتشارك مع من تصنفهم في إدارتها، وتهديد خطير لقواعد الشراكة التي منحتها فرصة الدخول إلى مجال التأثير السياسي، ولو أتينا لتقييم الأفعال واعتبارها كمعيار للتصنيف لكانت هذه الكيانات " وصيف" الإرهابي الأول في اليمن، بما تمارسه من أعمال في المناطق الخاضعة لنفوذها .
الإرهاب قضية حساسة للغاية على مستوى العالم لا ينبغي التساهل مع الحديث حوله بمثل هذه الخفة التي يصدرها البعض، وليس من صالح الجهود التي تُبذل لمحاربته أن يترك أمام المراهقين السياسين للمقامرة به في معاركهم العبثية، كما لا يحق لأحد التعامل معه غير الأجهزة السيادية في الدولة؛ أما تحويله إلى مادة للتهريج الإعلامي وإقحامه في تنافسات أو حتى صراعات السياسة فهو عبث من شأنه إفقاد هيبة الجهود الرسمية لمحاربته، وقد يُفهم أيضاً بأنه تواطؤ من أولئك الطائشين من خلال التغطية عليه وصرف الأنظار عن وجوده الحقيقي .