وجه المناضل الثوري الجنوب أمريكي رسالة إلى يحي صالح قال فيها :
من جيفارا إلى يحي صالح، أما بعد ، يؤلمني كثيرا أن أراك متوشحا صورتي في كثير من المناسبات ويحزنني أكثر حينما أراك تلف حول رقبتك الشال الفلسطيني زاعما أنك مع القضية الفلسطينية وفي سبيل تحرير فلسطين مهتديا ومقتديا بي وبسلوكي الثوري ، والفرق بيني وبينك ، أنني حملت السلاح ونظمت وشكلت المقاومة لمواجهة المعتدين ، بينما أنت شكلت الجمعيات والمنظمات لجمع المال وبحثا عن السلطة التي لم تقم حتى بواجب الوصول إليها .
لقد كنت أستند على فكرة ورؤية وتسلقت الجبال وخضت الغابات والوديان لردع المعتدين وواجهت العصابات التي تغتصب حقوق الشعوب ، بينما أنت في كل تحركاتك لا تبحث سوى عن المال ، كانت الشجاعة هي قوتي اليومي ولم أداهن أي سلطة مغتصبة ، بينما أنت ركنت للحياة الهانئة وجبنت عن المواجهة سواء بالنفس أو المال ، وتقربت إلى العصابات التي اغتصبت وطنك وصادرت جزءا مما أبقيته
من أموال زعمت أنها لتحرير فلسطين ، وذهبت لمناشدتهم واستعطافهم بأنك ضد العدوان ، وتقصد العدوان الخارجي ونسيت أن العدوان الداخلي هو من جاء به .
كيف تتوشح صورتي ، وأنا الذي كنت أدافع عن مبادئ إنسانية ولم أستجدي يوما ما الخصوم ، لأنني كنت أحس على وجهي بألم كل صفعة توجه إلى مظلوم في هذه الدنيا ، وكنت أرى أينما وجد الظلم فذاك هو وطني ، وأنت ترى أهلك يتعرضون للصفع والتعذيب والتشريد ومصادرة مرتباتهم ووظائفهم ويحولون إلى عبيد ولا يحرك فيك ذلك ساكنا ، وإذا كانت صور البؤس والظلم التي تحيط بأبناء بلدك لا تحرك فيك روح الثورة ، فكيف تزعم أنك تقتدي بي وأنا الذي قارعت الظلم والمستعمر أينما استطاعت قدمي الوصول إليه ؟
ألم تر أنني حاربت الأنظمة المستبدة بسبب مسؤوليتها عن التفاوت الاقتصادي والاجتماعي ولم أكن أبحث عن سلطة ، وأنت تركت بلدك وذهبت إلى منتجعك في انتظار أن ينتهي المتحاربون من حربهم فتعود أنت إلى السلطة ، ولعلك لم تسمع ذلك المتكرش من كثرة ما ابتلعه من حقوق اليمنيين ، محمد علي الحوثي وهو يدعوك وأمثالك من الذين فروا إلى الخارج إلى أن تعودوا إلى الجبهات للقتال نيابة عنهم ، أما عودتكم إلى السلطة فهي محرمة عليكم ، مثلما حرمت عليكم أمهاتكم ، بحسب قوله .
أنا اختلفت مع الأنظمة السلطوية ، لأنني أرفض الظلم ولدي مشروع تقدمي أردت به تحرير الناس من العبودية والاستغلال والاضطهاد ، بينما أنت تتخادم مع دعاة العبودية بل ومتصالح معهم وإذا كانت دعوة عمك لفك الشراكة مع أولئك ، فكيف ستتشبع بمبادئ وتجعلها دافعة لك لكي تكون ثوريا ؟ فالثورة ليست بالصور ، بل بمواجهة السلطات الظالمة والاقتصاص للمظلومين ، لذلك ستظل صوري معلقة في كل مكان ، بينما أنت لن يتذكرك أحد بعد أيام أو شهور ، ولن تكون لأموالك أي قيمة ما لم تضعها في خدمة الثورة واسترداد كرامة وطنك وشعبك .
لكل ما سبق ، أدعوك إلى أن تتحول إلى ثائر حقيقي وما أسهل الثورة في اليمن ، خاصة في هذه الفترة التي أصبح الشعب اليمني مهيئا لثورة تقتلع الظلم وأدواته ، يحتاج فقط إلى قائد ، والدعوة هنا هي لك ولأولئك الذين ينتظرون التمكين من الله ليسلمهم الحكم في اليمن ، الذين خرجوا بأموالهم وذريتهم إلى الخارج وتركوا عصابة الحوثي تغير المناهج الدراسية وتطمس الهوية اليمنية وتغسل عقول الناس بالدورات الثقافية ، وهم ما زالوا يحلمون بالتمكين ، خرجوا ذات يوم على الدولة بصدور عارية وفروا من أمام عصابة الحوثي وهم بكامل ملابسهم الواقية وراحوا يديرون المعركة باقتصاد الحرب .
أخيرا لا أخفيك أنني حزين لما يجري في بلدك اليمن ، فقد كشفت الأزمة عورة النخب السياسية والفكرية في هذا البلد الذي كان أبناؤه عبر التاريخ يعتزون بشجاعتهم وكرامتهم ، لكن هذه النخب أظهرت أنها أجيرة ، لا يحركها سوى الأجر المدفوع ، وأثبتت أنها لا تحمل مشروعا وطنيا حقيقيا يمثل رافعة لمواجهة المشروع الإمامي أو الاستعماري ، فكل من كان في موقع المسؤولية لن يرحمه التاريخ ، وخاصة أولئك الذين جمعوا بين المال والسلطة ، فلا سلطة حافظوا عليها ، ولا مال أنفقوه لاستعادة هذه السلطة !.