وأنا أشاهد صور الوفد السعودي في مطار صنعاء في ضيافة الحوثيين تزاحمت في رأسي عبارات الخيانة التي كان يطلقها الحوثيون على قيادات الشرعية وتطلقها قيادات الشرعية على الحوثيين ، ووجدت نفسي أنني غير قادر على التمييز بين خيانة وخيانة ، فالخائن لا يحتاج لكي نثبت أنه خائن لمقارنته بخائن آخر ، وخلال مشاهدتي لصور الوفد السعودي ،حاولت أن أفتح عيوني باتساع دائرة منفرجة لعلي أجد معهم نصف مسؤول من الشرعية أو من الانتقالي أو حتى من قيادات الأحزاب ، لكنني للأسف لم أجد ، فما يفرق بين تبعية الحوثيين لإيران وتبعية قيادات الشرعية والانتقالي والأحزاب السياسية للتحالف ، هو أن إيران تعطي هامشا لعملائها ، بينما التحالف لا يعطي أي هامش لعملائه .
طبعا الحوثيون يقدمون أنفسهم بأنهم مناضلون وشرفاء وطنيون يدافعون عن اليمن، وقيادات الشرعية وقيادات الأحزاب الذين سلموا راية القومية والأممية للرجعية والإمبريالية يقدمون أنفسهم بأنهم مناضلون وشرفاء وطنيون يدافعون عن اليمن ، بينما اليمن تمرغ ترابها بدماء أبنائها ونمت الطفيليات وتكاثرت على جسدها ويد الإثم تمعن في طعنها ، جميعهم ارتدوا أقنعة الوطنية وجميعهم ليسوا سوى مجرد عملاء وسماسرة .
حينما نكتب ونحاول أن نشخص الواقع إنما الهدف من ذلك هو استثارة حمية من نعتقد بأنه ما زالت لديهم حمية ، لكنهم مع ذلك يناصبون العداء ويبعثون دعاة التفسخ والسقوط لملاحقتنا ومحاولة تشريدنا فوق ما نحن مشردون ويعتبرون ما نكتبه عداء شخصيا لهم ، ونحن والله لا نستهدف الأشخاص ، بل الاعتبارات ، ولا نقبل أن نكون كأولئك الذين خانوا الكلمة وابتذلوا السقوط وتحولوا إلى أقلام رخيصة .
ولست بحاجة للقول ، إن هؤلاء أذهلوا العالم بسقوطهم ، حتى قال لي أحد الأجانب المهتمين بالشأن اليمني ، نحتاج إلى معرفة مدخل علم الهزيمة الذي مارسته قيادات الأحزاب اليمنية ومعها السلطات الثلاث ، بل نريد معرفة مختبر تدريس إخلاء المواقع وإلقاء السلاح وأخذ كورس البقاء في الفنادق كل هذه السنين وكيف قبلوا على أنفسهم أن يتركوا بيوتهم قبل أن يتركوا وطنهم لعصابة الحوثي تسرح وتمرح فيها .
في المجمل العام لابد من أن نقيم ورشة دورية لمعرفة كيف يتم التحكم بالصمت وكيف لزمت كل الأطراف المكونة للشرعية السكوت ، حتى في ظل تفاوض السعودية مع الحوثيين ، وأختتم مقالي هذا بنداء للدكتور رشاد العليمي وأقول له من محبسك في الرياض هناك يمنيون كثيرون يريدون مقابلتك وأعضاء مكتبك يعطونهم مواعيد كاذبة حتى يبعدونهم عنك ، فلست أدري هل أنت مطلع على ذلك ، أم أن من حولك يضربون حولك سورا يمنع وصول الناس إليك ، فأنا أعلم وأنت تعلم أن لديك فائضا من الوقت وتحتاج إلى إنفاقه في قضاء حاجات الناس والاستماع إليهم ، لأن أعضاء مكتبك تحولوا إلى مقاتلين شرسين ضد مطالب الناس ويتخذون من كل ناقد أو ناصح عدو .