استيقظت كل من تركيا وسوريا الشقيقتين، فجر الإثنين الماضي، على واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم منذ عقود.
المشاهد والصور التي توالت تباعا من مناطق الكارثة تمزق نياط القلب، وتكرس في داخلنا حالة هي مزيج من الفجيعة، والضعف، والشعور بحقيقة هذه الحياة كمحطة عابرة لا تستحق أن يكرس فيها الإنسان جهده في اشتغالات تغذي نوازع الكراهية والصراع والجشع والعصبية، ومحاولة قهر أو الاستيلاء على حقوق الآخرين.
واقعة مثل هذه على ما تفرزه من مآس وآلام يصعب مداواتها بسهولة؛ فإنها قد تتحول إلى حالة مثمرة، طالما خلقت التأثير اللازم لدفع الجميع نحو استغلالها لتعزيز روح التضامن في العلاقات الدولية، وإعادة النظر في تصوراتنا للأشياء، والأحداث والعلاقات على النحو الذي يمكن من دفع هذه الفكرة إلى الأمام، وتصييرها معيارا أساسيا في التعامل مع بعضنا، كأشخاص، وكشعوب، وكمجتمع دولي.
وفي الحقيقة هناك يقين وإيمان لدى الجميع بهذه الفكرة، وهو الأمر الذي تجلى بوضوح من خلال هذا الاحتشاد الاستثنائي لدول العالم، لإغاثة منكوبي الزلزال، في واحد من المشاهد النادرة التي ظهر فيها المجتمع الدولي كأسرة واحدة، وجدت نفسها معنية ومسؤولة أخلاقيا بالانخراط في جهود مواجهة وتخفيف آثار وتداعيات تلك الكارثة.
لقد مثلت هذه الحالة الاستثنائية في التضامن، ودعم الشعور العاطفي لضحايا الزلزال وشعبي تركيا وسوريا بشكل عام، نقطة مضيئة في زحمة المنظر المروع والمأساوي للكارثة، ولا شك في أن هذه الصورة كاملة الإنسانية ستفرض نفسها دائما عند كل محطة لتذكر الواقعة المؤسفة مستقبلا.
إننا إذن بإزاء حالة فريدة من التضامن تستحق أن يتم التقاطها للبناء عليها، وتحويلها إلى مُعبّر ومعيار جديد لعلاقات الأمم والشعوب ببعضها، فهل ينجح العالم في الاستفادة من الكارثة لإعادة صياغة علاقاته ونظرته لبعضه البعض وفق دينامية جديدة تستند إلى هذه الفكرة، ومن ثم استنهاض ضميره الأخلاقي لحراستها من الإخفاق؟.
سفير الجمهورية اليمنية لدى قطر
* الشرق