أثارت تصريحات الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي حنق وامتعاض قيادات المجلس الانتقالي الذين تسلقوا على مصالح المحافظات الجنوبية تحت مسمى القضية الجنوبية، في حين أنه لا توجد قضية جنوبية أصلا، حتى يمكن حلها، والسؤال الذي يطرح نفسه ومطلوب الإجابة عليه من قبل أولئك الذين يغتصبون الإرادة الشعبية باسم القضية الجنوبية، فما هي هذه القضية، هل هي قضية سياسية وبالتالي يمكن حلها سياسيا، أم هي قضية اقتصادية، يمكن حلها وفق العدالة الاجتماعية؟
لقد أخطأ الدكتور رشاد العليمي خطأ فادحا بالحديث عن عدالة قضية ليس لها وجود، لأن القضية الحقيقية اليوم هي قضية السيادة والدولة المختطفة، كان يفترض بالعليمي أن يطلب من قيادات الانتقالي أن يتعاملوا مع الأزمة التي تواجه الشعب اليمني، وأن يحترموا التعددية ويتذكرون أن شراكتهم في مجلس القيادة الرئاسي تجعلهم مسؤولين عن المصلحة العامة، وإذا كان هناك مظالم للجنوبيين، فهي عند الانتقالي الذي استحوذ على الـ 50 ٠/٠ من السلطة الممنوحة للجنوب وفق مخرجات الحوار الوطني واحتكرها لنفسه دون بقية الجنوبيين، وكذلك استحواذه على أموال الضرائب والجمارك وميناء عدن.
لست أدري لماذا لا يتم مصارحة قيادات الانتقالي بأنهم يضعون أنفسهم على هامش القانون والديمقراطية وأنهم بتصرفهم غير المسؤول عرضوا استقرار عدن وكامل اليمن للخطر، وإذا كانوا مؤمنين بمشروع الانفصال، عليهم أن يسيروا مظاهراتهم السلمية وبالمثل يفعل المدافعون عن وحدة المجتمع واستقراره، العالم كله مع وحدة اليمن ويرفض الانفصال، والانتقالي يقف ضد إرادة اليمنيين وضد الإرادة الدولية.
هناك معايير دولية تحكم الدول، وبالتالي المجتمع الدولي ضد أي انفصال في أي مكان في العالم، ولا يمكن أن يقف إلى جانب رغبة الانتقالي ويرفض رغبة الكتالونيين في أسبانيا وكذلك الإيرلنديون في بريطانيا والحركات المتعددة في بلجيكا وإيطاليا والأكراد في العراق والبوليساريو في المغرب، هناك حوالي 59 حركة انفصالية جميعها تتسم بالمطالب المدنية وجميع هذه الحركات قد التقطت الإشارات التي يرسلها المجتمع الدولي ورفضه أي انفصال من طرف واحد، عدا الانتقالي الذي أعاق التنمية وعرض المجتمع لمخاطر كبيرة، والمشكلة ليست عند قيادات الانتقالي، بل عند أولئك الذين يجارونهم في تعزيز الوهم لديهم.
لست بحاجة للقول، بأن مشكلة الانتقالي، حلها بيد دولة الإمارات، ومن هنا على الدكتور رشاد أن يطلب من الإمارات أن تحدد موقفها من الوحدة اليمنية، وهي بالتأكيد لن تخرج عن الشرعية الدولية وبالتالي عليها أن تتوقف عن دعم الانتقالي، لأن الصمت وعدم الأخذ على أيديهم قد جعلهم يستمرئون المضي في الطريق الخاطئ، وأن الأوهام التي يرفعونها يمكن أن تتحقق بالفعل، مما جعلهم يغضون الطرف عن الهوة التي تفصل الواقع عن الخيال المريض، لا يستقيم لمن يهدد سيادة الدولة وهي جزء من المنظومة الدولية، أن ينظم إلى المجتمع الدولي وهو يخالف سياسة بلده، إن حق تقرير المصير حق جماعي وليس حقا فرديا، إن هذا الحق لا يمكن أن يمارس فقط من خلال فرد واحد أو مجموعة أفراد، فإذا كان هناك مشكلة جنوبية، فهي متمثلة بالمجلس الانتقالي الذي أحرمت عدن من التنمية والاستثمار.