كسرت الجرة بين السعودية والإمارات، لم يعد الخلاف بينهما مجرد ضرب من تحت الحزام، بل بدا واضحا أنه من فوق الحزام، فمع تشكيل الرياض لقوات درع الوطن وهي قوات سلفية، كانت الإمارات قد استقطبتها منذ نزوحها من دماج وعملت على رعايتها وتدريبها، لكنها مؤخرا أصبحت مقسومة بين الرياض وأبو ظبي، مما جعل الصراع بين البلدين يأخذ أشكالا عسكرية بأدوات يمنية.
كانت أبو ظبي تعتمد على المجلس الانتقالي في تواجدها على الأرض، وكان دور الرياض يقوم على دفع المرتبات، مما جعلها تتنبه مؤخرا إلى أن حليفتها تسيطر على كل شيء، فلجأت إلى نفس الطريقة في تشكيل مليشيات تابعة لها، مهمتها كف يد الانتقالي عن العبث بمصالح السعودية وبدأت تعمل على عزل الانتقالي، وقد أدركت الرياض أن التصريحات التي جاءت على لسان قياداته ليست تصريحات شخصية، بقدر ما هي موجهة ومدفوعة من قبل أبو ظبي.
بعض المحللين السعوديين أشاروا إلى أبو ظبي صراحة وقالوا بأن المجلس الانتقالي أداة تستخدمها الإمارات لضرب مصالح السعودية واعتبروا الحملة التي قادها الانتقالي ضد بلادهم وضد الأمير محمد بن سلمان على وجه التحديد تكشف عن الحقد الدفين لدى قيادات الانتقالي ووصفوهم بالساذجين.
أحد المحللين السعوديين قال بكل صراحة، إن مليشيا الانتقالي لا تملك إلا الشعارات، فهم منذ سنوات يصرخون ويقولون إنهم سيقيمون دولتهم وفي النهاية يرفعون أيديهم للتسول من السعودية ووصفهم بالخدم والمرتزقة وتحداهم بأن يثبتوا بعمل واحد يؤكد أنهم مع شعب الجنوب.
لست أدري ما الذي كانت تتوقعه السعودية من ميليشيا تنكرت لوطنها وتصرفت بشكل مناطقي، حيث أقصت الجنوبيين من السلطة واستحوذت عليها بمفردها، إضافة إلى نعتها لأبناء المحافظات الشمالية بنعوت مهينة وشيطنتهم وأعاقت وحدة القرار داخل مجلس القيادة الرئاسي وحرضت على الكراهية، فلماذا غضبت الرياض من إهانة ولي عهدها ولم تغضب من إهانة اليمنيين جميعا.
ما يمكن قوله، أن عرش الانتقالي الذي كان يتسع من الرياض إلى أبو ظبي قد تعرض للاهتزاز بعد التصريحات المهينة التي تداولها ناشطون انتقاليون ضد السعودية وقياداتها ويبد أن الانتقالي سيدفع ثمن وقاحته على حد تعبير أحد المحللين السعوديين ولم تنفع تصريحات عيدروس الزبيدي ومحاولته امتصاص غضب القيادة السعودية، والأهم من هذا كله أن المعركة ستدور بين البلدين السعودية والإمارات على الأرض اليمنية وبأدوات يمنية.
تأتي المعركة بين السعودية والإمارات، بعد أن سعت السعودية إلى إضعاف حلفائها وتحديدا الشرعية وأحدثت تذبذبا في موقفها، مما أظهر جوا من التململ داخل مجلس القيادة الرئاسي الذي يشعر بأن السعودية لم تتركهم للمجلس الانتقالي فحسب، بل ذهبت للتفاوض مع الحوثيين بمعزل عنهم، مما جعل المجلس يظهر وكأنه خارج عصر التسويات.
لقد بدأت المشكلة تتفاقم بين الشرعية والسعودية منذ عهد هادي الذي شكت منه السعودية مرارا ومن سوء إدارته وقلة كفاءته، وكانت تلك التهمة كافية لرفع الغطاء عن هادي بواسطة ٥٠٠ شخص من اليمنيين جمعهم آل جابر من سقط المتاع السياسي والإعلامي وأقروا مجلس قيادة برئاسة الدكتور رشاد العليمي الذي يحرص ومن معه على عدم التفوه بما يغضب السعوديون لأنهم يدركون أن مصالحهم في قبضة أصحاب العباءات الملكية.