قبل أن أخوض في موضوع الآنسي ورحلته من قناة "اليمن اليوم" في القاهرة إلى سائلة محمد البخيتي في العاصمة صنعاء، أود أن ألفت الانتباه إلى فارق الاستقبال بين عصابة الحوثي الإرهابية للعائدين إلى وطنهم الذي اختطفته وبين استقبال الشرعية بكل مكوناتها للفارين من جحيم العصابة الإرهابية، حيث تقوم هذه العصابة بالاحتفاء بالعائدين ولو مؤقتا وتبالغ بالاحتفاء بهم أمام وسائل الإعلام ولو كذبا، بينما الشرعية تعرض كل من يفر من بطش الحوثيين إلى الإهانة والقتل السياسي، كما حدث مع وزير إعلام عصابة الحوثي الذي استقبلته الشرعية بالأحذية، أو كما حدث مع وزير التربية والتعليم الدكتور عبد الله الحامدي الذي تعاملت معه الشرعية بطريقة مهينة وحرمته حتى من راتبه، وبالمثل العميد جميل المعمري الناطق العسكري باسم المليشيات، تم تجاهله وتجاهل خبراته، والقائمة تطول.
ما يتعلق بعبدالكريم الآنسي، لا أعتقد أن ذلك الاحتفاء الذي روجت له وسائل إعلام عصابة الحوثي حقيقيا، فهي تعلم أن المحتفى به ليس قياديا ولا هو من أركان السلطة وليس له تأثير، لكنها تحاول استغلال الحدث لأي عائد لكي تحي نفسها، لأن المسألة لا تتعلق بالعودة إلى صنعاء، لكنها تتعلق بطبيعة الحياة التي سيعيشها العائد إليها، عصابة الحوثي تريد الناس يعودون إلى صنعاء تحت شعار العفو العام وعلى العائد أن يقر لها بأن عبد الملك الحوثي هو حجة الله في أرضه في هذا الزمن ويجب مبايعته على السمع والطاعة والتسليم والإقرار بولايته ومسالمة من سالمة ومحاربة من حاربه، فهذه هي فكرة العفو العام لديها.
حينما نتساءل عن قيمة الآنسي داخل الشرعية، فسنجد أنه لا يمثل شيئا ماديا، لكن عصابة الحوثي، تحاول استغلال الحدث معنويا لتحقيق مكاسب إعلامية، فهي تدرك أن فرار الآنسي وغيره من الوطن
وكل مصائب اليمنيين سببها هي، لكنها كما قلنا تحاول الترويج بأن العائد إلى أحضان الوطن، عائد من الكفر والضلالة والخيانة إلى الإيمان بالعصابة والتوبة الوطنية النصوح، في حين يعلم القاصي والداني أن هذا الحضن هو في الأصل سجن الوطن الذي جلاده الممسك بمفاتيحه هم أفراد هذه العصابة نفسها.
على ضوء ما سلف، الانتقال من حضن إلى حضن، لم يعد بالشيء المفاجئ ولا المثير للدهشة والتساؤل نظرا إلى تشابه كل هذه الأحضان المستبدة والفاسدة، ما يلفت الانتباه أن العائدين إلى أحضان عصابة الحوثي هم من المؤتمر الشعبي العام أو من الذين يعملون في مؤسساتهم، والآنسي أحد العاملين في قناة "اليمن اليوم" وللرجل مشكلة مع إدارة القناة، سبق لي وأن تواصلت بالسفير أحمد علي عبدالله صالح وطلبت منه أن يكلف الأخ يحيي دويد بأن يحل المشكلة، لأنني أعلم يقينا أنها ستستغل ضده كونه المالك للقناة، لكنني فوجئت بعد ذلك بقنوات العصابة تحتفي بعودة الآنسي من حضن المرتزقة مع أن قناة "اليمن اليوم" في القاهرة وليست في الرياض أو أبو ظبي.
ما يمكن قوله، أن المؤتمرين هم من يتعرضون للرحلة من حضن الحوثي إلى حضن الشرعية، ثم العودة مرة أخرى إلى حضن الحوثي، يعود السبب في ذلك إلى انتهازية قيادات المؤتمر التي تتنكر لقواعدها على عكس الأحزاب الأخرى التي سعت إلى ترتيب وضع قواعدها في الداخل والخارج، وأصبحت قيادات المؤتمر طاردة للكوادر المؤتمرية ، والدفع بهم مجدد نحو عصابة الحوثي، وأقسم لكم يمينا أن أي قيادي في المؤتمر من القيادات التي اختطفت قرار الحزب تستطيع أن تنفق على الحزب بكل قواعده، سواء بما سرقته أيام كانت في السلطة، أو الذي تستلمه وهي في خانة الشرعية.
