جميع الأطراف المتصارعة في اليمن رحبت بالتقارب السعودي الإيراني، عيدروس الزبيدي رحب بذلك بصفته رئيس المجلس الانتقالي، والحوثيين أثنوا على هذا التقارب، ومجلس القيادة الرئاسي امتدحه، والحكومة اعتبرته فتحا مبينا، وحزب المؤتمر زكاه، وحزب الإصلاح كذلك، وجميعهم منقسمون بين طرفي السعودية وإيران، وكل طرف يقول للطرف الآخر، سيدي أفضل من سيدك، وجميعهم ليس لديهم أدنى استعداد لأن يتقاربون مع بعضهم البعض.
يعاني اليمن عواقب توالد الميليشيات وفساد الحكومة وتفكك الهوية الوطنية لدى الأحزاب والقوى السياسية وضعف مجلس القيادة، كل تلك العوامل تجعل الأطراف المتصارعة تمعن بمزيد من التدمير للدولة والشعب وتتوسع كل يوم على حساب الجيش والأجهزة الأمنية.
نحن أمام ميليشيات تتحدى سيادة الدولة وتصر على إضعافها وتعمل كقوى معارضة للشرعية على الرغم من أن قياداتها تتولى مناصب عليا داخل الشرعية وتتحدث عن الإنجازات ولا نجد على أرض الواقع سوى فقر وجوع ومرض وغياب الخدمات الصحية والتعليمية وبؤس يمشي في الطرقات ويسكن البيوت.
لست أدري على ماذا يراهن المبتهجون بالتقارب السعودي الإيراني، وهم يعلمون علم اليقين أن الميليشيات التي تشكلت في بلادنا لخدمة البلدين لا يمكن أن تتحول إلى قوى وطنية ولا يمكنها حتى بناء تحالفات سياسية مع هذه البلدان لمصلحة اليمن، فهي مجرد أدوات لتقويض الدولة ومصادرة السيادة والبقاء في فلك التبعية.
ولست بحاجة للقول، إن الكلفة التي سيدفعها اليمنيون نتيجة بانتظاركم الحلول من الآخرين ستكون كبيرة جدا، لأن هذه الميليشيات على عكس الميليشيات التي تنشأ في العالم والتي تعمل خارج السلطة، فالمليشيات في اليمن تعمل من داخل السلطة، ولهذا لديها القدرة على إبقاء مساحة واسعة للعنف والتطرف وبنفس الوقت المساهمة في تقوية عصابة الحوثي الإرهابية.
كان الشعب قد بنا أحلامه على رئيس المجلس الرئاسي واعتقد أنه سيتصرف كرئيس يقع بين هذه الميليشيات والميزانية الوطنية وسيكون دافعه إلى ذلك تمتع اليمن بالشخصية الدولية وكون الشرعية الممثل الوحيد القادر على حماية الدستور والقانون والحفاظ على السيادة الوطنية والمصالح الدولية، لكنه لم يستطع أن يحدد أين تبدأ سلطة الميليشيات وأين تنتهي، ومن يحيط نفسه بما أحاط به رشاد العليمي فلن تكون الرئاسة بالنسبة له سوى إضافة إلى السيرة الذاتية ليس إلا، ومن كان غير قادر على تغيير الحكومة وتغيير السلك الدبلوماسي، فلن يكون سوى واحد فرط بحقوق اليمن وشعبها.
