بعد سلسلة من منشورات الدعاية السياسية الحماسية لمهمة السفير السعودي في الرياض والتأكيد على أنها تصب في صالح اليمن، استدار الصحفي فتحي بن لزرق نحو موضوع آخر لكنه لا يبتعد كثيرا عن المهمة الأساسية وهي التصفيق لصفقة الحرب المشبوهة مع الحوثيين والتغطية عليها عبر دعاية مضادة تستهدف المعسكر الوطني المتواجد في الطرف الآخر من المعركة.

الموضوع الذي صرف بن لزرق الأذهان إليه، هو مساهمة مؤسسة الشيخ حمود المخلافي الخيرية في الجهود الإغاثية لمتضرري الزلزال في تركيا، من خلال إقامة عدد من المساكن المؤقتة، وهي عبارة عن حاويات أعيد تأهيلها ليستخدمها المتضررون ريثما تقوم الحكومة التركية بإنشاء مساكن جديدة لمواطنيها بدلا عن المدمرة، وهنا أطلق بن لزرق العنان لخياله وادعاءاته غير الواقعية، واستحضر معاناة تعز واحتياجاتها.

زعم بن لزرق بأن الشيخ حمود المخلافي بنى خمسون شقة، لصالح متضرري الزلزال في تركيا، والهدف من هذا المنشور هو التأليب على الرجل وإنجازاته التي لا تخفى على أحد في كل ميادين المقاومة وليس في تعز فقط، أنه يستثير مشاعر البسطاء ويشعرهم بأن الشيخ أخذ أموال تعز وهربها إلى الخارج ليعبث بها كيف يشاء.

لكن دعونا نقيم ما الذي تمثله الخمسون وحدة سكنية مؤقتة التي ساهمت فيها مؤسسة الشيخ حمد المخلافي، من الناحية المادية، أنها تساوي ما قيمته خمسون طرفا صناعيا لمعاقي الحرب، لا أقل ولا أكثر.

وفي مارس الماضي احتفل مركز الأطراف الصناعية بصلالة العمانية والتابع لمؤسسة الشيخ حمود المخلافي الخيرية بتركيب (1000) طرف صناعي لمعاقي الحرب، بحضور عدد من المسؤولين والسفراء الأجانب وذلك ضمن برنامج طموح ينتظر دعم المنظمات الدولية لمواجهة احتياجات الآلاف ممن فقدوا أطرافهم من جراء الحرب، مدنيين وعسكريين.

هذا الحدث لم يلفت أبدا انتباه بن لزرق وغيره من الذين تهافتوا على مشاورات الرياض وصفقوا لها، وكرسوا جهدهم للنيل من السالكين في درب الكفاح بإرادة ومسؤولية وصبر.

هذا الجهد جاء ضمن مبادرة الجالية اليمنية في تركيا، والجاليات العربية التي تداعت للقيام بواجب دعم متضرري الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا فجر السادس من فبراير شباط 2023، وهو أكبر زلزالا على مستوى العالم في هذا القرن، ضمن جهد متضامن عبرت عنه الجاليات العربية ومن خلاله قدمت ما استطاعت أن تقدمه لصالح إخوانها المتضررين في تركيا وسورية معا.

ما كان لهؤلاء أن يبقوا متفرجين لمأساة كبيرة كهذه ضربت البلد الذي يقيمون فيه بكرامة، فهم ليسوا هوامش بل كرام قوم قدموا الغالي والنفيس دفاعا عن أوطانهم وقيمهم وكرامتهم وكرامة شعوبهم، وعدد كبير منهم مقتدر من الناحية المالية، ووجودهم في هذا البلد اضطراري وخارج عن إرادتهم، ونتج عن الإسقاط الممول لدولهم بكل الإمكانيات المالية والعسكرية للثورة الإقليمية المضادة.

منشورات بن لزرق في صفحته تظهر مدى انشغاله وتفاعله الحماسي مع الزيارات السرية والمعلنة للسفير السعودي لصنعاء وتسويقه المجاني لمجرمي الحرب، وهي المهمة التي يخصص لها بن لزرق كل جوارحه، ويعمل لأجلها مبشرا مخلصا بالسلام الذي سيأتي من صفقة آل جابر والحوثي.

وأخيرا من المهم أن يدرك الجميع أن مؤسسة الشيخ حمود هي التي توقد جذوة الحياة والإرادة والتصميم في تعز، من خلال سلسلة من المبادرات والبرامج التي تعتني بشهداء وجرحى الحرب وعائلاتهم.

مئات الخريجين المؤهلين والمشاريع الإنتاجية، وفوق ذلك والأهم منه، الصمود الكفؤ في وجه القوة الغاشمة التي تحاصر تعز وتقتل أبناؤها كل يوم، تحت أنظار مجلس القيادة الرئاسي والسعودية الذين يتغنى بن لزرق بإنجازاتهم.