تدرك السعودية وكذلك الإمارات بأن مسألة الانفصال في اليمن مسألة صعبة ومعقدة، وقد ناقش هذه المسألة خبراء سياسيين وقانونيين من البلدين كل على حدا، وتوصلوا إلى أن إعلان الانفصال أو المضي نحوه أمر في غاية الصعوبة، على الرغم من سعيهما له منذ العام ٩٤، حينما اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي قرار الاعتراف بالانفصال، عدا دولة قطر، نتيجة لخلافاتها في ذلك الوقت مع السعودية.
في الاجتماعات المغلقة، توصل خبراء القانون الدولي في البلدين إلى أن دستور الجمهورية اليمنية الذي تم الاستفتاء عليه من قبل الشعب اليمني عام ١٩٩١، والذي نصت مادته الأولى على أن الجمهورية اليمنية هي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها، ووفقا لهذا النص، فإن الوحدة اليمنية نهائية وأبدية، كما أن النظام الدولي يقوم على مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها، ووفقا لهذا المبدأ، يمنع القانون الدولي الانفصال من جانب واحد، كما أن جميع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تزيد عن عشرة قرارات جاءت بعضها تحت الفصل السابع، جميعها تشدد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، كل هذا يمنع أي انفصال.
ولكي يكون هناك انفصال، أجمع هؤلاء الخبراء في البلدين على وجوب تغيير المادة الأولى من دستور الجمهورية اليمنية، ووجدوا أن هذا غير ممكن، لأنه يتطلب استفتاء من جميع الشعب اليمني، والخيار الثاني المتاح أمامهم هو خيار الانفصال بالقوة، لكن هذا الخيار يحتاج إلى دولة راعية قادرة على حماية الكيان المنفصل سياسيًا وعسكريًا وتوفير المتطلبات المالية وتنظيم شؤونه السياسية والإدارية وتوفير الاحتياجات الأخرى، كجوازات السفر والعملة، ووجدوا، أنهم غير مستعدين لهذا الخيار لأنهم يريدون عملاء بالمجان.
والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تنازل اليمنيون بمختلف مسمياتهم عن دولة القانون والحريات وحقوق المواطنين، وصمتت الأحزاب والقضاء والبرلمان عن مطالبة السعودية والإمارات بوقف دعمهم للميليشيات المعطلة للدولة ومؤسساتها، أو اللجوء إلى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظمات الأخرى لتقديم شكوى تطالب باحترام حق الشعب اليمني في التعايش، بدلا من الحرب والفوضى التي تشجع من قبل السعودية والإمارات؟
دعاة الانفصال لم يدانوا حتى هذه اللحظة بتهمة إثارة الفتنة ونهب المال العام، وانتهاك الدستور، نريد أن نعرف مجلس القيادة الرئاسي باسم من يتكلم، فإذا كان يتكلم باسم الجمهورية اليمنية، فلماذا لا يتخذ حلولا سياسية تمنع التصرفات والمجازفة التي تدفع باليمن باتجاه الهاوية؟
نحن في بلد ديمقراطي، تسوده التعددية السياسية، فلماذا الصمت عن مصادرة حقوقنا كيمنيين والتنازل لمن يهددون وحدة المجتمع السياسية والمجتمعية؟
يعتمد دعاة الانفصال في تصرفاتهم الانفصالية على الخطاب الشعبوي في تحريك الشارع، والشارع لا يعبر دائما عن الغالبية، بل يعبر عن القوة، يسوقون للشارع استرجاع الدولة، لكنها دولة مجهولة لا يجرؤون على الإفصاح عنها، لأن أي دولة يختارها الشعب عبر الانتخابات وليس عبر الشارع، لهذا فهم لا يجرؤون على احترام قواعد الديمقراطية ويستقون بتبعيتهم للإمارات التي تمارس تدميرا ممنهجا لبلادنا، بسبب صمتنا عنها.
نريد تجريد دعاة الانفصال من كل ما هو مرتبط بالوحدة من سلطة وجوازات سفر وشهائد دراسية وشهائد ميلاد.