هناك مرض يصيب بعض الأفراد، من مظاهره عدم الثقة بالنفس، وكراهية الآخرين، حيث ينزع صاحبه إلى كراهية ومقت الآخرين، وهو لا يكره الآخرين كأفراد فحسب، بل يكره التجمعات وينظر إلى أي تجمع بشكل سلبي، لذلك ستجد هؤلاء الأشخاص هم أكثر عداوة للوحدة ولمن يدعو إليها ليس لشيء، بل كما قلنا لأنهم يعانون من مرض كراهية الجماعة، ومن هنا سيجد كل مدافع عن وحدة شعبه ونسيجه الاجتماعي والسياسي ممقوت من قبل هؤلاء المنحرفين نفسيا.
وتأسيسا على ذلك، فإن أي مرض قابل للشفاء إلا مرض الخيانة الناتج عن كراهية الذات والشعور بالدونية والذي يعكس نفسه بشكل عدواني على كل من يعتز بنفسه ووطنه، وبالنظر لما يجري اليوم على أرض الوطن، نجد يمنيين ولدوا على أرض اليمن وأكلوا من خيراتها، لكن الخيانة تجري في دمائهم، وتسكن في أحشائهم، يعادون تجمع اليمنيين مع بعضهم ويمارسون الخيانة جهرا وعلى الملأ ويعملون ضد اليمنيين بكل قوتهم وبنفس الوقت يرتمون في أحضان دول أخرى ويعتبرون خيانتهم عملا وطنيا لا يضاهيه أي عمل آخر.
والأدهى من ذلك أنهم يتهمون المدافعين عن الوطن ووحدته بأنهم أعداء للوطن، إنهم يستمتعون بخيانتهم، وعلى رأي أحد الكتاب، إنه لم يعد ينفع مع هؤلاء سوى قانون العزل الطبي، ونحن نقول بكل بساطة، لا يجتمع الشرف والخيانة في شخص واحد، فالخائن خائن والشريف شريف، ومرض الخيانة موجود في كل بقاع العالم وهو صفة بشرية، لكن أصحابه يمارسونه بشكل سري كونه من القيم الممقوتة، عدا خونة بلادي يجاهرون به ويفاخرون أنهم عملاء، وهذا يدل على أن خلايا الشرف والكرامة قد ضمرت لديهم.
وقد وجدت المفكر الفرنسي فرانس فانون في كتابه المعذبون في الأرض يشرح سلوك هذه الشريحة ويرصد تلك الظاهرة من خلال ملاحظاته لبعض الجزائريين الذين كانوا يقدسون المستعمر الفرنسي ويعملون في وظيفة عملاء ومرتزقة، يقول فانون: أدهشني كره هؤلاء الجزائريين لأبناء شعبهم، رغم أنهم ولدوا وترعرعوا معهم في نفس الأرض وتعرضوا لنفس البيئة وأكلوا من نفس الأكل، لكنه توصل إلى أن ذلك يعود إلى ما يجري داخل عقول العملاء والخونة من كراهية للذات التي بدورها تنعكس كراهية للآخرين.
فسر فانون سلوك الخونة، بأنه يرجع إلى كره الخائن لنفسه، نتيجة نظرته إلى نفسه بدونية واحتقار وعدم ثقة، وهذا يعكس نفسه بكراهية الآخرين من منطلق، فاقد الشيء لا يعطيه، فيلجأ هذا الخائن إلى الانتقام ومحاولة نقل ما يدور داخله إلى العالم الخارجي، وتصير كراهيته لنفسه كراهية للآخرين، ومن هنا يبدأ يسلك طريق الخيانة ويبررها لنفسه ويتحول إلى عدواني ضد كل من يمثل القيم الوطنية كرد فعل نفسي على معاناته الداخلية، وعليكم أن تتابعوا حجم المنحرفين نفسيا الذين يتمرغون في وحل الخيانة وردود أفعالهم على كل من يدعو إلى توظيف طاقة اليمنيين في التنمية والبناء من خلال الوحدة، مثل هؤلاء يجب عزلهم صحيا.