لو كانت السلالية ترفع من شأن صاحبها لاستقبل السلاليون النهاري بوصفه سلالي عاد إلى حضن السلالة، لكنهم يعلمون علم اليقين بأن سلاليتهم عار عليهم، فحرصوا على استقباله ببدلته العسكرية، تلك البدلة التي تعبر عن اليمن وتعطي قيمة لمن يرتديها، فكان احتفاؤهم ببدلة النهاري وليس بشخصه، ليثبتوا أن السلالية تحط من شأن صاحبها ولا ترفعه، بل تجعل منه عارا يمشي على الأرض، ولكي يزيدوا من قيمته، نسبوه إلى نائب رئيس الجمهورية السابق علي محسن، وزعموا أنه كان مديرا لمكتبه، لكي تزداد القيمة بارتباطه بالشرعية والجمهورية، مع أن النهاري لم يكن يوما ما مديرا لمكتب علي محسن، ليؤكدوا بأن النهاري نكرة لا تذكر ولكي يعطوه قيمة نسبوه إلى علي محسن.
ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قليلا وتحديدا إلى ٢١ سبتمبر ٢٠١٤، يوم دخلت هذه العصابة إلى صنعاء، أعلن خالد العندولي قائد الحراسة الشخصي لعلي محسن انضمامه للحوثيين وتم تعينه قائدا للواء ٣١٠ دون أن يحدثوا ضجة في ذلك اليوم، لأن حينها لم يكن الأمر قد تمايز إلى انقلاب وشرعية، فلم يكونوا بحاجة إلى إضفاء هذه القيمة التي يبحثون عنها اليوم، وكلما حاولوا أن يطفئوا نور الجمهورية يزيد وهجها اشتعالا في قلوب اليمنيين ويظلون في سلالتهم يعمهون.
ولم يثر استغرابي تعامل هؤلاء السلاليين مع هذا الحدث، بقدر ما أثار استغرابي انزلاق بعض من يفترض أنهم جنود في معسكر الجمهورية اليمنية ومشاركتهم في دعم هؤلاء السلاليين بالاحتفاء برجل ميت، ليس له من قيمة، سوى قيمة البدلة العسكرية التي كان يرتديها، فراح البعض يحسبه على علي محسن والبعض الآخر على طارق، محاولين إلصاق التهمة بهذا أو ذاك، متناسين أن من يمثل الجمهورية اليمنية تظل أبوابه مفتوحة لكل اليمنيين، ومن هنا فليس أمام علي محسن أو طارق أو أيا كان ممثلا لليمن أن يفتش في قلوب الناس حتى يثبتوا أنهم ليسوا مع اليمن، كان الأولى بهؤلاء جميعا أن يتجنبوا خطيئة ابتلاع الطعم المنسوج بخيوط الأكاذيب التي يروج لها الطائفيون والمناطقيون، الذين لا يرتفع شأنهم إلا بالتصاقهم أو بتوظيفهم للجمهورية اليمنية.
إن تاريخ اليمن يشهد لهذا الشعب العظيم بما يملكه من قدرات بأنه قادر على الدوس بأحذيته على مثل هؤلاء الطائفيين والمناطقيين الذين بدلا من أن يلتفوا حول جدار اليمن الكبير، ذهبوا إلى تكسيره برؤوسهم التي ستتحطم على هذا الجدار، فاليمن عميقة الجذور، يؤكد ذلك ثوابت الجغرافيا وحقائق التاريخ.
ولست بحاجة إلى التأكيد بأن أبواق التحريض من السلاليين والمناطقيين المتخندقين داخل مشاريعهم المنافية للمشروع اليمني، قد فقدوا كل قدرة لإقناع اليمنيين بمشاريعهم، ففي اليمن غالبية كاسحة متمسكة بوطنها ومؤمنة بيمنيتها وهم قادرون على هزيمة أعداء اليمن، سواء كان هؤلاء الأعداء أرواح شريرة في الداخل، أو نباتا شيطانيا قادما من الخارج.
إن الغالبية العظمى من شعبنا اليمني لديها من الجينات الوطنية المكتسبة عبر التاريخ، ما يؤكد سلامة توجهها، بعيدا عن أكاذيب السلاليين والمناطقيين الذين فشلوا في إقناع الممولين لهم بأن لهم أرضية وشعبية قادرة على الحركة والتأثير، لقد سقطت الأقنعة وظهرت الحقائق من وراء الأستار، بأن البدلة العسكرية التي ارتداها النهاري أثمن من سلالته وأن احتماء الانتقاليين بمواقعهم داخل سلطات الشرعية هي من تعطيهم قيمة لدى من يمولهم، وأنهم دون ذلك لا يساوون شيئا يذكر.