بدأت بعض وسائل الإعلام الخليجية منذ زمن بعيد مدعومة بالمال السعودي الإماراتي بالتشكيك باليمن والدفع بمسميات أخرى، كالجنوب العربي، والإصرار على مسمى الجمهورية العربية اليمنية، بدلا من جمهورية اليمن، ومسمى حضرموت وفي غفلة من الإعلام اليمني تم تدجين بعض الجيل الحالي ودفعه للتنكر لوطنه، بل وتعبئة بعض ضعفاء النفوس للخروج على وطنهم، خاصة بعد تجريف الاقتصاد اليمني وربط قطاع واسع من اليمنيين بالراتب السعودي أو الإماراتي.
ركز السعوديون والإماراتيون أولا على أهم ميزة يمتاز بها اليمني، ليسهل بعد ذلك مسخه، وهي اعتزازه بذاته، اشترت ضعفاء النفوس وجعلتهم في أعلى السلطة ليكسروا شوكة اليمنيين وأنفتهم وليؤكدوا مقولة، إذا أردت أن تكسر أنفة شعب من الشعوب فولي عليه حثالته، كان الهدف من ذلك هو طمس الهوية اليمنية لكي يسقطوا معها اعتزاز اليمني بنفسه وكرامته، ولكي يستطيعوا زراعة القابلية للتبعية ويسهل عليهم تفكيك اليمن اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، لكي يتخلى اليمني عن انتمائه الوطني.
أضحت أزمة الهوية واضحة لدى بعض المسوخ من اليمنيين الذين يرفعون أعلام السعودية والإمارات ويسقطون علم بلادهم، فهؤلاء كيف يمكنك أن تحدثهم عن الكرامة وهم يفتقدونها، ويرفعون صور آل سعود وآل زايد أكثر مما يرفعون رؤوسهم نحو الشمس، بل إن كثيرا من الإعلاميين تحولوا إلى أبواق يدافعون عن هذه الدول أكثر مما يدافعون عن وطنهم الذي يتعرض للتمزيق وشعبهم الذي يتعرض للإذلال والإفقار.
لن تجد أحدا في العالم ينسب نفسه لغير وطنه إلا في اليمن، فقد ظهرت نسخة مشوهة من اليمنيين ينسبون أنفسهم إلى مسميات غير يمنية، وقد بلغ بهؤلاء الأتباع أن ينتظروا النصر من غير أنفسهم وينتظرون الراتب آخر الشهر ممن يسرق ثرواتهم ويحتل جزرهم ويبيع أسماكهم ومعادنهم ويغلق مطاراتهم وموانئهم، وهم لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم ويبنون بيوتهم على جرف هار.
هناك مخطط مدروس لكسر أنفة اليمنيين واعتزازهم بتاريخهم، يقوم هذا المخطط على سرقة الهوية اليمنية، بدءا من استهداف التاريخ بكل تفاصيله، إلى نهب الآثار والمخطوطات وما تحمله من كنوز معرفية وتراثية ونسب كل ما هو يمني إلى السعودية والإمارات، فبعد بحث طويل من الشيخ زايد بن سلطان -رحمه الله- عن أصله، استقر به البحث لينسب نفسه إلى مأرب الحضارة والتاريخ، يأتي اليوم أبناؤه ليزعموا أنهم اكتشفوا أول حبة قهوة عمرها ١٢ ألف عام، في إمارة رأس الخيمة.
تريد الإمارات أن تبدد اليمنيين وتمزقهم، ليسهل عليها محو ذاكرتهم التاريخية والجغرافيا ونسب ذلك إلى نفسها وصناعة تاريخ لها، ساعدها على ذلك غياب الوعي لدى بعض اليمنيين والفقر الذي صنعته بمساعدة السعودية، فسرقت الكثير من المقتنيات الأثرية اليمنية واشترت بعضها بثمن بخس، سرقة الآثار موجودة في كل دول العالم، لكنها في اليمن تأخذ بعدا وطنيا، فاليمنيون يواجهون مخططات مبرمجة للسيطرة على تراثهم وتاريخهم وتزيف الحقائق التاريخية بواسطة المسوخ الذين يبيعون تاريخ بلادهم مقابل حفنة من الدراهم والريالات.
إذا حدثت أحد أعضاء مجلس القيادة الرئاسي أو أحد أعضاء الحكومة أو أحد قيادات المليشيات أو أولئك الذين يتقاضون مرتبات من السعودية والإمارات عن الكرامة ، فلن يفهم معناها ، وإذا حدثته عن أهمية الأعلام الوطنية فلن يفهم أيضا معنى ذلك ، فهؤلاء وضعتهم السعودية والإمارات وبمسميات مختلفة ، كالمجلس الانتقالي والمكتب السياسي والمجلس الحضرمي والنخبة الشبوانية والأحزمة الأمنية ، لكي تبقى هوية اليمنيين وتعريفهم لأنفسهم معرضة للضياع وتسقط كل الروابط بين اليمنيين وخلق وعي وذاكرة بديلة لشعوب متعددة بدلا عن الشعب اليمني ، حتى تستطيع السعودية والإمارات نسب التاريخ اليمني لها ، وحتى تظل مسيطرة على هذه الكيانات الممسوخة من تاريخها وجغرافيتها .