هذا الفتى اليمني كان مرافقاً للمستشرق وباحث الآثار النمساوي إدوارد جلازر "1855- 1908" في اليمن والذي زارها أربع مرات بين "1882 _ 1894" زار خلالها مأرب وشبوة وحاشد وأرحب ومناطق أخرى
اسم الشاب صالح بن أحمد كما كتب المستشرق بخطّه أسفل الصورة
رأيتُ القميص الفضفاض الجميل قلتُ هذا الفتى من مأرب سنام القبائل مراد أو من عمران!
لكنني حين تأمّلتُ الجنبية الصيفاني المطعّمة بالفضة قلتُ من يافع أو حضرموت أو سفوح تهامة!
رأيتُ الوسامة الشهباء قلتُ من ردفان أو حَجّة أو خَبْتَ المحويت تحديداً ، أو لعلها من ذروةٍ من ذرى الحجرية تعز أو من شماريخ ريمة الشقراء!
تأمّلتُ أحزان عينيه وشرودهما قلتُ هذه عذابات بلادي! عذابات الأجيال بسبب غبار التاريخ الجاثم على جفن البلاد وقلبها من زماااان!
تأمّلتُ الاسم " صالح بن احمد " قلتُ هذا من خولان الطيال أو شبوة أو البيضاء أو أعماس الحدا! لكنّ جنابي البيضاء كما عرفتُها محزّمة بالذهب في وسطها بينما جنبية الفتى مُقرّنة بالفضة في رأسها!
رأيت الأناقة والقيافة قلتُ من بعدان إب أو سلاطين الشِّعِر ووادي بَنا!
لكنني حين اكتشفتُ الحِبْيَةَ البديعة المعلّقَة على كتِفِه وصدره مثل وسام رجّحتُ بأنّ الفتى من مَشرِق الله مَشرق اليمن بشكلٍ عام حيثُ امْرَغادة وامْجَمال!
أمّا خيوطُ عصابةِ رأسهِ المبرومة بأناقةٍ ودِقّة فقد أدهشتني حقاً! هل هي من صوف الماعز " الزّعْل " أم من الجِلْد الرقيق الدقيق؟
وتلك القعشة المجدّلة اللامعة أهِيَ لحجيةُ الهوى أم بدويّةُ الجوى ..؟
يا لَلبلاد الكثيفة العظيمة التي لا نكاد نعرفها! ..
لم نكتشف بعد سريرة بلادنا وأسرارها وثراء ثقافتها حتى اليوم!
بلادٌ هي أكبرُ من سياسيّينا وقزامة أرواحهم وأعمقُ من ضحالة لحظتنا وبؤسها ويأسها!
سياسيّيونا لم يعرفوا بلادهم ولا شعبهم كما يجب!
ولذلك، لا يُحبّون بلادهم ولا شعبَهم! .. لم يُحافظوا على كل شبرٍ لأنهم لم يعرفوه اصلاً!
ولم يحِنُّوا على شعبهم لأنهم غرباء عنه طول الزمان!