;
رائد الثابتي
رائد الثابتي

الشدادي.. القائد الاستثنائي 54

2024-10-08 23:27:38

نادراً ما يجود الزمان بقادة استثنائيين يصنعون فارقاً في الحياة، فيكونون ملهمين بأفعالهم قبل أقوالهم. ويحولون الأحلام إلى حقائق، والهزائم إلى انتصارات، واليأس إلى أمل، ليصنعوا واقعاً جديداً وتاريخاً مجيداً ترويه الأجيال بعين المعجب وخطوات الملهم ومكانة الرمز، فتلهج ألسنتهم بالثناء والرحمة.

من بين أنياب الفقد ومرارة اليتم وجبال ووديان العبدية الشامخة، خرج علينا الشهيد الشدادي ليكون قدوة في مجتمعه ومصلحاً في قومه، وقائداً عسكرياً فذاً بين جنوده. كان يتقدم الصفوف قبل أن يأمر، ويحاول جاهداً أن ينتشل الجميع من براثن الجهل والتخلف والفقر واليأس. فتارة رأيناه مرشداً، وتارة مشجعاً، وأخرى قائداً. كلما دعاه الواجب في ميدان من ميادين الحياة، نراه في المقدمة. لكن الطابع العسكري كان هو الغالب، وكأنه خلق ليكون قائداً عسكرياً يقود الجموع ويصنع الأبطال من خلال القدوة والتشجيع.

شارك الشهيد في كل المنعطفات التاريخية التي مر بها اليمن منذ وعى الحياة وحتى يوم استشهاده. صقلت تلك المراحل مهاراته وعززت حضوره في زمن السلم والحرب، رغم ما تعرض له من محاولات تهميش في بعض المراحل بسبب مواقفه من بعض القضايا التي تسببت في المحصلة فيما وصلت إليه البلاد اليوم.

تمر اليوم الذكرى الثامنة لرحيل هذا العملاق، وجزء غالٍ من بلادنا ما زال يرزح وساكنوه تحت براثن انقلاب غاشم. نحتاج لشحذ الهمم واستحضار بطولات ومواقف الشدادي لتكون ملهمة على طريق النصر، وتحرير البلاد والنهوض بها ومداواة جروحها الغائرة وفاءً لدماء الشدادي وكافة رفاقه الشهداء. نحن اليوم على يقين أن قافلة من الأبطال على خطاه سائرون، ونحن النصر النصر والتحرير ماضون مهما كانت العقبات والمعوقات. فالحياة صراع إرادات، وصاحب الإرادة القوية في نهاية الطريق هو من ينتصر.

عندما انطلق الشهيد إلى صرواح قال قولته الشهيرة: “لن أعود من صرواح إلا منتصراً أو شهيداً”. وفعلاً عاد بالشهادة، وبقي تحقيق أمنيته وهو النصر ولا شيء غير النصر الذي على عاتقنا اليوم تحقيقه. “ألا إن نصر الله قريب”.

shape3

لست في معرض مقالي هذا استعراض بطولات ومواقف الشدادي، فهي موثقة بالصوت والصورة والزمان والمكان. ولكننا اليوم في حاجة لترسيخ المبادئ والقيم التي كرس حياته من أجلها وضحى بنفسه وماله وأقربائه في سبيلها. لقد عايشناه زماناً طويلاً ولن نوفيه حقه مهما كتبنا عنه وعن مآثره وسجاياه. كل من عرف الرجل ولو ساعة سيصل إلى قناعة أننا سنحتاج إلى الكثير من الزمن ليتكرر شخص مثل عبد الرب الشدادي. لكن الأمة اليمنية ولادة بخيرة الرجال، فقد جاء ليحمل الراية من بعده رجال أفذاذ من أمثال اللواء منير الذبياني واللواء أمين الوائلي والشيخ أحمد العقيلي، والقائمة تطول. وما زال هناك قوافل من الرجال الصادقين الماضين على العهد لتحقيق الغايات العليا.

بعد مضي ثمان سنوات على رحيل الشدادي، تأكد لنا من الأحداث المتتالية أن من يصنع الفرق هم القادة الأفذاذ مهما شحت الإمكانيات. القادة الذين يكبرون على حظوظ النفس ويصنعون قادة آخرين في مختلف الميادين، ليبقى بيرق النصر مرفوعاً وعجلة التحرير مستمرة تدهس في طريقها كافة مشاريع التمزيق والعنصرية، وتعيد للجمهورية ألقها وللوطن بريقه. قائد يبعث نور الأمل في عتمة اليأس.

تمر الذكرى وفي حنايا الروح شوق لصوته الجهوري وهو يزئر في جنوده، وخطاه الحثيثة بين لعلعة الرصاص وزمجرة المدافع:

إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعاً.. مضى قبل أن تُلقى عليه الجوازم... وقفت وما في الموت شك لواقف.. كأنك في جفن الردى وهو نائم.. تمر بك الأبطال كلما هزيمة.. ووجهك وضاح وثغرك باسم

في كل ذكرى تمر، يتعاهد الأبطال والمحبون على المضي في درب الشدادي والوصول إلى نهايته، لأنعتاق الأمة اليمنية من ظلم الإمامة وخرافات السلالة. فالقضايا العادلة والشعوب الحية لا تمضي على طريق التحرر إلا بالدماء الزكية من خيرة أبنائها والأرواح الندية التي تعانق العليا في الدار الآخرة، ليعيش من تركتهم خلفهم في عزة وكرامة ومنعة. تروى بطولاتهم وما قالوه وكتبوه جيلاً بعد جيل، يهز رحيلهم الكيان والوجدان، ويصبحون في الوعي الجمعي لهذه الشعوب أبطالاً خالدين ملهمين تتذكرهم شعوبهم في أفراحها وأتراحها. فكلما رفرف العلم بلونه الأحمر تذكر الناس دماءهم الزكية التي ارتوت منها أديم الأرض ليعلن فجر جديد.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

د.محمد جميح

2024-10-09 00:10:24

مجرد تساؤلات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد