عندما جاء الإسلام -ببعثة النبي- محمد صلى الله عليه وسلم- كانت البشرية قد ارتهنت لأنواع شتى من الضلال والإضلال، وسقطت في شباك الخرافة والكهانة والدجل، وتهاوت إنسانيتها تحت أقدام الطغاة والمتجبرين، واستكانت لعقائد وشعائر ما أنزل الله بها من سلطان...!
لقد كانت البشرية ترزح تحت حكم الطواغيت، وتخضع الأرض لمن كان يتقاسمها من أقاصرة الروم وأكاسرة الفرس، وكان الاستعباد والرق هو العنوان الذي جعل أشباه البشر تحت طغيانها يبحثون عن آدميتهم التي افتقدوها تحت حكم الإمبراطوريتين في الزمن الغابر ...!
لقد تعددت وجهات النظر حول الإنسان والكون والحياة، والتبست الفهوم حول الوجود الإنساني والكون والحياة والمصير النهائي للإنسان والحياة...!
لقد كانت الغلبة للقوة الباطشة وليس للحق، وكان الظلم هو المهيمن وليس العدل، وكان التناحر والصراع هو السائد وليس التعايش والوئام ..!
لقد جاء الإسلام ليعيد الموازين القسط إلى أصولها وثوابتها، ويصحح الكثير من النظريات الخاطئة والسلوكيات المنحرفة، والمفاهيم العنصرية المدمرة، والانتقال بالبشرية من الأوهام والخرافات إلى حقائق الوجود..!
ومن هذه الحقائق:
- التأكيد على واحدية أصل البشر.. كل البشر، وأن التعدد الإنساني خرافة الطغاة والمستكبرين، وتزيينات الدجالين وكهنة الأوثان وخزنة معابد النيران، وألغى إلى الأبد أسطورة تعدد الأعراق وتمايز الألسنة والألوان..
يقول الله عزّ وجل: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً﴾ ويقول عزّ وجل: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقناكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفوا إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللَّهِ أَتقاكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ خَبيرٌ﴾ ويقول الله تعالى: ﴿وَمِن آياتِهِ خَلقُ السَّماواتِ وَالأَرضِ وَاختِلافُ أَلسِنَتِكُم وَأَلوانِكُم إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِلعالِمِينَ﴾..
هكذا قالها الإسلام بكل صراحة ووضوح، وبلا لبس ولا غموض..
يا أيها الناس.. كل الناس بلا استثناء لأحد من البشر، سواء كانوا مسلمين أو نصارى أو يهود أو وثنيين.. أغنياء أو فقراء.. أقوياء أو ضعفاء.. رجال أو نساء.. لا تمايز لأحد على أحد بلون بشرة أو نطق لسان...!
فالإنسان هو الإنسان منذ بداية الحياة حتى نهايتها ..
إهتدى أو ضل، تغلبت عليه شقوة الغواية أو استقام على طريق الرشد.. فالأصل الإنساني لا يتعدد ولا يتبدل بتبدل الأزمنة والعصور وتغير الظروف والأحوال.. ورغم هذه الحقيقة الناصعة لا يزال هناك من الذين يضعون أنفسهم في دائرة الاحتقار لأنفسهم ويقبلون المذلة والهوان بظنهم الخسيس والمرذول أن هناك من يتميز عليهم ويتعالى عليهم رغم أن الله عزّ وجل قد أكد في قرآنه الكريم أنه خلق جميع البشر من ﴿نَفسٍ واحِدَةٍ﴾.
قد يكون هناك من يعلن تميّزه عن بقية الخلق لمصلحة يجنيها من ذلك ولا غرابة في ذلك ..!
الغرابة في انحطاط بعض أشباه البشر الذين يرضون بالدونية والمذلة والخنوع المخزي والقبول بهذا العار الذي يلاحقهم ما داموا يدمنون البقاء في دائرة الدونية والاحتقار ..!!