بعد مرور عام على إطلاق عملية "حارس الازدهار" الهادفة إلى ردع هجمات مليشيا الحوثي الإهابية في البحر الأحمر، يبدو أن الولايات المتحدة تواجه صعوبات بالغة في تحقيق أهدافها.
فبدلاً من تراجع الهجمات الحوثية، تشير التقارير إلى تصعيد في العمليات، مما يثير تساؤلات حول فعالية الاستراتيجية الأمريكية الحالية.
أشارت صحيفة "بيزنس إنسايدر" إلى أن القتال المكثف لم يؤد إلى نتائج ملموسة، وأن واشنطن بدأت تعيد تقييم خياراتها في ظل استمرار التهديد الحوثي للملاحة الدولية. وقد أكد المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، تيم ليندر كينج، على أهمية الحل السياسي، مشيراً إلى أن الحل العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والمعاناة للشعب اليمني.
يطرح هذا الوضع العديد من التساؤلات حول مستقبل الصراع في اليمن، وكيفية الخروج من هذا المأزق. فهل ستتمكن الولايات المتحدة من تطوير استراتيجية جديدة أكثر فعالية؟ وهل ستقبل الحوثية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات؟ أم أن الصراع سيتواصل لسنوات قادمة؟
أزمة مفتعلة
يقول الخبير العسكري والاستراتيجي والباحث في الأمن البحري، الدكتور علي الذهب، أنا دائما أقول إنني على موقف مضاد مما تثيره وسائل الإعلام الأمريكية، لأنها وسائل تقدم خطابا موجها يقصد به أهداف استراتيجية للولايات المتحدة وهذه الأهداف إما أن تكون موجهة ضد الدول المحيطة بجوار العنف، وأيضا ارتباطها بمصالحها في هذه المناطق أو ما حولها.
وتساءل: متى كانت نية الولايات المتحدة أو استراتيجيتها في التدخل الحاصل في البحر الأحمر، القضاء على مليشيا الحوثي، قضاءً مبرما ليقال بأنها عجزت أو فشلت أو أن ليس لديها رؤية واضحة حول ما يجري؟
واستدرك: الرؤية الأمريكية منذ بداية التدخل من حالة الازدهار، والضربات التي جرت قبل ذلك، هي تهدف إلى تقويض قدرات مليشيا الحوثي التهديدية للشحن البحري وتحقيق قدر معقول من الأمن والسلامة، تجاه الشحن البحري في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وليس الذهاب إلى أبعد من ذلك.
وأضاف: ما حصل طيلة عام من شد وجذب، هو في إطار هذا السقف المعلن، وما يثار من جوانب أو من مصادر إعلامية، أو من سيناتورات، أو أعضاء في الكونجرس، كل ذلك له أهداف كما أشرنا سابقا.
وتابع: هذا الخطاب الأمريكي موجه تحديدا لدول النفط ودول حوض البحر الأحمر، والدول الوازنة في البحر الأحمر، وهي السعودية ومصر، فضلا عن دول الخليج.
وأردف: وجود مليشيا الحوثي في هذه المنطقة يؤدي دورا وظيفيا استغلته الكثير من القوى، ليس إيران فحسب، بل جميع القوى الدولية التي منحته القوة ومنحته اتفاق ستوكهولم لعام 2018 واتفاق الهدنة لعام 2022م.
وزاد: يجب النظر إلى ملف مليشيا الحوثي، أو إلى أزمة اليمن وعلى صدارتها مليشيا الحوثي، بأنها ورقة دولية رخيصة الكلفة، تستطيع من خلالها القوى الدولية والإقليمية تحقيق أهدافها.
وقال: الرسالة الأخرى التي تريد الولايات المتحدة إيصالها، هي موجهة نحو الشركات الدولية التي توفر لها الوجود الأمريكي والهجمات الأمريكية الكثير من الحماية، من خلال هذه الأزمة المفتعلة، فهؤلاء الذين يملكون أو يستأجرون هذه الشركات العالمية، لهم أثر في الانتخابات الأمريكية وفي السياسات الأمريكية، وفي دفع كلف مختلفة تحددها الإدارات المتعاقبة في واشنطن.
تأطير الصراع في البحر
يقول المحرر في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، مراد العريفي، إن الولايات المتحدة الأمريكية، هي ما تزال تحاول أن تؤطر الصراع في البحر الأحمر بما لا يسمح أن يتوسع بشكل أكبر، رغم أن إدارة بايدن على وشك مغادرة البيت الأبيض.
وأضاف: باعتقادي أن تصريحات المبعوث الأمريكي لليمن هي محاولة لحث مليشيا الحوثي على التراجع وتذكيرهم بما حدث لحزب الله وما حدث لمحور المقاومة، بالتحديد من خلال تذكيرهم بمقتل الأمين العام لحزب الله، وكثير من هذه التفاصيل التي قوضت من قوة محور المقاومة.
وتابع: هذه ربما هي رسائل تحث واشنطن من مليشيا الحوثي على تخفيض التصعيد في البحر الأحمر والعودة إلى طاولة التفاوض، لكن بدرجة رئيسية المبعوث الأمريكي، يحاول فقط أن يركز على مسألة أن محاولة الدفاع عن النفس ومهاجمة الصواريخ ومنصات الإطلاق هي سياسة أمريكية تحاول من خلالها أن تبقى في دائرة صياغة طريقة مناسبة للتعامل مع مليشيا الحوثي حتى هذه اللحظة.
وأردف: برأيي أن واشنطن غيرت نظرتها لمليشيا الحوثي خلال العام الأخير، على اعتبار أنها كانت تنظر لها كجماعة، يمكن لها أن تلعب دورا ما بعد الصراع، وباتت تنظر لها اليوم كجماعة من المهم أن تقوض وتعاد صيغتها بشكل أن تكون جماعة محلية أكثر من كونها جماعة إقليمية خصوصا بعد التهديدات المستمرة من قبل الجماعة.
وزاد: إذا ما استمرت مليشيا الحوثي، بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة على خطوط الملاحة البحرية، وعلى الاحتلال الإسرائيلي، ستكون سياسة ترامب، مختلفة تماما في التعامل معها، خصوصا أن كل دائرته محسوبين من الصقور الذين يهاجمون إيران وجماعتها في المنطقة، من بينهم السيناتور ماركو روبيو، وهو الآن وزير الخارجية في إدارة ترامب، والذي انتقد خلال الأشهر الماضية، نهج بايدن، في التعامل مع مليشيا الحوثي ووصفه بأنه خاطئ ويضرب المصالح الأمريكية ويشجع على الجماعات المسلحة في المنطقة.
وقال: إن ماركو روبيو طالب باستهداف مليشيا الحوثي والأصول العسكرية، لها بما يظهر نهجا أكثر حزم في التعامل مع المليشيات، وأن شطب الجماعة من قائمة الإرهاب كان خطأ كبيرا وسمح للجماعة بالوصول إلى الأسلحة.
وأضاف: هذه النبرة المتشددة تجاه مليشيا الحوثي ستتحول إلى تطبيق اذا ما صعد ترامب، إلى السلطة، إلا إذا كانت مليشيا الحوثي قد انتهجت نهجا آخر، وعادت إلى مسألة التفاوض مع المملكة العربية السعودية.