في منتدى دافوس، منصة القادة والسياسيين لصياغة رؤى العالم، كان الحضور مشدودين إلى جلساتهم ونقاشاتهم... إلا أن زاوية من إحدى الكافيهات سرقت الأضواء بهدوء. هناك، جلس عيدروس الزبيدي، عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، على طاولة مع أسعد الشيباني، وزير الخارجية السوري الجديد، بعد انتصار الثورة السورية وإسقاط بشار الأسد.
الزبيدي (بحماسة): أهلاً وسهلاً معالي الوزير! تعال اجلس، نشرب شاي. أنت من بلادنا، من بيت الشيباني، أليس كذلك؟
يتدخل أحد المرافقين بهمس في أذن الزبيدي: "أصله من اليمن الشمالية، مش من بلادنا، الجنوب العربي."
الشيباني (مبتسمًا): يشرفني الجلوس مع أصل العرب، اليمن. وأنا أفتخر أن جذوري تعود إلى هناك.
الزبيدي (بثقة): أهلاً بك، معالي الوزير. وألف مبروك لكم انتصار الثورة وإسقاط نظام بشار.
الشيباني (ممتنًا): الله يبارك فيك. الحمد لله، بعد صبر وجهاد 14 عامًا، حررنا سوريا من الهيمنة الإيرانية، وأسقطنا مشروعها في المنطقة. وإن شاء الله نسمع قريبًا عن انتصاركم في اليمن وتحرير صنعاء. نحن جاهزون لدعمكم، والفرصة أمامكم.
الزبيدي (مقاطعًا بفخر): نحن سبقناكم! الحمد لله، حررنا بلادنا من إيران قبل سنوات.
الشيباني (باندهاش): حقًا؟! يعني سقط الحوثي في اليمن؟
الزبيدي: لا، لكن الحوثي سقط في بلادنا.
الشيباني (بحيرة): إذن، اليمن تحررت من الحوثي؟
الزبيدي: لا، الجنوب العربي تحرر.
الشيباني: الجنوب العربي؟ عفواً، لكن أليست بلادكم هي اليمن؟
الزبيدي (بابتسامة واثقة): لا، بلادنا هي الجنوب العربي.
الشيباني: فهمت، الجنوب تحرر. والآن تسعون إلى... ماذا؟
الزبيدي: إلى استعادة دولة الجنوب بكل مؤسساتها.
الشيباني (مندهشًا): لحظة... ألم تقل إنكم حررتم الجنوب؟ فلماذا تسعون لاستعادته مجددًا؟
الزبيدي: لأن هناك قوات شمالية في وادي حضرموت تحتاج إلى تحرير.
الشيباني: تقصد الحوثيين؟
الزبيدي: لا، قوات تابعة للشرعية.
الشيباني (متفاجئًا): الشرعية التي تديرونها أنتم؟
الزبيدي: نعم، وأنا نائب رئيسها.
الشيباني (بابتسامة مريرة): يعني القوات الشمالية تتبعكم؟
الزبيدي: نظريًا نعم. لكن عمليًا... تحتاج إلى "إعادة تموضع."
الشيباني (بضحكة ساخرة): يبدو أن عندكم دقة لغوية مذهلة.
الزبيدي: هذه هي السياسة! بالمناسبة، كيف الوضع عندكم؟
الشيباني (متجاهلًا الحيرة): الحمد لله. نحن الآن نعمل على توحيد كل الفصائل المسلحة تحت مظلة وزارة الدفاع. نريد جيشًا موحدًا لسوريا الجديدة، بعيدًا عن الطائفية والمناطقية.
الزبيدي (مقاطعًا بفخر): نحن سبقناكم بهذا أيضًا! وحدنا كل الفصائل الجنوبية تحت وزارة الدفاع.
الشيباني: وزارة الدفاع التابعة لمن؟ للجمهورية اليمنية؟
الزبيدي: لا، وزارة الدفاع الخاصة بالجنوب.
الشيباني (مندهشًا): يعني لديكم وزارة دفاع وحكومة خاصة بالجنوب؟
الزبيدي: لا، هي جزء من الحكومة الشرعية.
الشيباني: الحكومة الشرعية التي تسعون لتحرير الجنوب منها؟
الزبيدي (بابتسامة عريضة): السياسة معقدة، معالي الوزير.
الشيباني (بنفاد صبر): والله معقدة جدًا! على العموم، نحن مستعدون لدعمكم في تحرير اليمن من إيران وميلشياتها. بقاء إيران هناك خطر علينا وعلى استقرار المنطقة.
الزبيدي: بالتأكيد، لكن بالنسبة لنا الأولوية هي استعادة دولة الجنوب.
الشيباني (ناظرًا إلى ساعته): عذرًا فخامة النائب، لدي اجتماع آخر. سأتركك تكمل تحرير الجنوب... من نفسك!
ينهض الشيباني مغادرًا، وهو يهز رأسه ويقول لنفسه: "لو كنا نملك هذه الخبرة في التعقيد، لما انتهت الحرب في سوريا أصلًا!"
الزبيدي ينظر خلفه بابتسامة فخر، ثم يلتفت إلى مرافقه قائلاً: "الرجال أصله من شيبان الحجريّة."
المرافق: الحجريّة؟ أليست في تعز اليمنية؟
الزبيدي (مبتسمًا): نعم، لكن ذلك لا يهم. المهم أنه "عاد من بلادنا."
يغادر الشيباني، تاركًا وراءه مزيجًا من الحيرة والدهشة، في دافوس الذي يبدو أن سخريته تفوقت على جدّيته.