عبر التاريخ الطويل، كلما ابتعد الإنسان عن خالقه وتعاليم رسله، تمادى في الانحراف حتى وصل إلى هاوية السقوط والضلال، فاتخذ له آلهة من أنواع شتى لا تخطر على بال من أُوتي ذرة من عقل.
غير أن أعجب وأغرب ما رآه الناس أو سمعوا به أن يذهب بعض البشر إلى عبادة الشيطان مباشرة، ليس باتباع وساوسه ونزغاته، بل عبادة مباشرة! مع أن أحدهم ذهب يصف مكر نفسه ومبلغ كيدها فقال:
وكنتُ امرءًا من جُند إبليس فارتقى
بي الحال حتى صار إبليس من جُندي!
وعَبَدَة الشيطان يتقربون إليه، مبررين عبوديتهم له بمخاوفهم من أن يضرهم أو يؤذيهم.
الجهات المعنية الرسمية في الشرعية اليمنية تمسك عن الحديث فيما له علاقة بمنظمة الأمم المتحدة، نظرًا لمواقفها السلبية والمتراخية تجاه ما يُفترض أن تقوم به تجاه اليمن، وكل ذلك مخافة أن يعود عليها حديثها وصراحتها بالأذى والضرر؛ ولهذا، فإن كل وقت شهرزاد صباح يُلزمها بأن تسكت عن الكلام المباح.
وإذ يفعل الجانب الرسمي الشرعي ذلك تجاه منظمة الأمم المتحدة، فهو مع بلدان أجنبية أشد جبنًا وخوفًا.
تعيش البلاد اليوم أسوأ أزمة اقتصادية، ولا تزال تتفاقم حتى إن رجل الشارع البسيط يردد بصراحةٍ تُبرئه من أن يُحسب عليه أنه من عَبَدة الشيطان؛ إذ يقول: إن هذه الأزمة ليست محلية الصنع فقط، بل هناك فاعلون آخرون- كانوا قد شاركوا في خديعة إسقاط الجرعة التي تبنّتها مليشيا الحوثي عام 2014- والجانب المحلي مجرد شريك.
يتحدث الشارع عن هذه الأزمة قائلاً إن هناك شيئًا ما يُطبخ، ولابد لكي تستوي الطبخة أن "يُطبخوا" المواطن اليمني أولًا! والسؤال: هل لا يزال مشروع إيران يحظى بدعم من هنا أو هناك، كما بدأت تلك المطابخ أول مكرها عام 2014؟!
على الشرعية، بجميع أطرافها، وعلى الأحرار أن يتنبهوا، وأن يحولوا دون استواء تلك الطبخة، وإلا فسيكون من الغباء أن نجد أنفسنا أمام فخ جديد، كما كان فخ جرعة الوقود التي دفعت تحت ستارها بالحوثي ليكون المظلة والضلال.
وعودة إلى معابد الشيطان؛ هناك تساؤل كبير يطرح نفسه: مليشيا الحوثي حصلت- باعترافها- على أكثر من 176 مليون دولار عبر برنامجها لنزع الألغام، مقدمة من الأمم المتحدة تحت مسمى "نزع ومكافحة الألغام".
وهناك مبلغ 160 مليون دولار قُدِّم تحت هذا المسمى أيضًا، ناهيك عن ما يقرب من ألف مركبة وسيارة، بعضها تحول إلى مصفحات، وأخرى تم تثبيت رشاشات عليها، ومركبات أخرى قُدمت لمليشيا الحوثي كسيارات إسعاف.
بالله عليكم! هل من يزرع الألغام ويستبيح كل الجرائم، هو من سيقوم بنزع الألغام التي زرعها؟!
هل تستطيع الجهة الرسمية الشرعية أن تتعامل- بصورة أو بأخرى- مع ذلك "المعبد" للوصول إلى نتيجة ما لنزع شيء من ألغام هذه الأزمة الاقتصادية، التي أضرّت بالموظف، والمعلم، والمزارع، والعامل... إلخ؟
وعلى الحكومة أن تتعهد بمسمى: "نزع ألغام" الأزمة الاقتصادية. فمن يقنع الأمم المتحدة؟
أم أن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة "أكمة" لها ما وراءها؟!
الأزمة الاقتصادية في اليمن تتفاقم، وحريق الغلاء أشد فتكًا من حريق لوس أنجلوس، التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق بايدن ولاية منكوبة، كما أن نزع ألغام الغلاء- يا أمم متحدة- أولى بكثير حاليًا من ألغام الحوثي.
لوس أنجلوس ستجد حتمًا متبرعين ومتطوعين، فأوروبا لن تتخلى عن دعمها ومساندتها لأمريكا، وآخرون بلا شك.