كما حصل في تراثنا الفقهي نوع من الفصل بين العقيدة والشريعة، وتم ابراز عقيدة التوحيد وكأنها لا علاقة لها باصلاح حياتنا الدنيا، وحصرت الشريعة في الاحكام التفصيلية الناظمة لعلاقات الافراد في المجتمع والدولة المسلمة «فقه المحكمة»، ولم يلتفت فقهاؤنا لأسس ومقاصد بناء الدولة والمجتمع «فقه الدولة».. حتى المقاصد العامة التي تكلم عنها علماء التراث الكليات الخمس «حفظ الدين -حفظ المال- حفظ العقل- حفظ النفس-حفظ العرض... الخ» جاءت من زاوية جزئية، صحيح انها مقاصد عامة لكنها متعلقة بحقوق الافراد وهي مقاصد استنبطها الفقهاء استنباطا من خلال تتبع الاثار والنتائج التي تقود اليها آيات واحاديث الاحكام، وبالمقابل غفل تراثنا الفقهي التاريخي عن مقاصد واسس بناء الدولة رغم انها كليات وردت في القرآن بنصوص صريحة.. من ذلك «الحرية والشورى-الوحدة-العدالة- السلام- المساواة- الاصلاح وعدم الفساد» هذه هي مقاصد واسس الدولة والحضارة في القرآن «فقه الدولة» ولا تجد لها في كتب الفقه ابواب ثابتة وشروح وتفاصيل وسأقوم بشرحها بإيجاز وابين مدى ارتباطها بالعقيدة، وان فقه العقيدة هو فقة الدولة وعند هذا الحد اكون قد وصلت إلى موضوعي الرئىسي «الوحدة» ولكن بعد سياق يبين اسباب غياب مقاصد بناء الدولة المسلمة:
1- مقصد الحرية «الثورة على حكمة الطاغوت والاستبداد الفردي الكهنوتي واقامة نظام سياسي شوروي ديمقراطي».
أ- اشكالية تراثنا الفقهي بين العقيدة والشريعة: الاشكالية الكبرى في موروثنا الفقهي التاريخي هو حصول نوع من الفصل بين العقيدة والشريعة واظهار عقيدة التوحيد وكأنها ذات مضمون شعائري تعبدي يتعلق بتنظيم علاقة المسلم بربه في الاخرة فحسب من خلال عدم عبادة الاصنام الحجرية والتوجه إلى الله بكلمة التوحيد والشعائر الفردية ولا علاقة لعقيدة التوحيد بواقع الحياة السياسية والاجتماعية، في حين ان عقيدة التوحيد في المنظور القرآني هي اصل الشريعة وفصل بين العقيدة والشريعة ونجد عقيدة التوحيد في القرآن تحمل مضموناً تحررياً ثورياً سياسياً واجتماعياً واقعياً ينظم العلاقات السياسية في المجتمعات والدول والحضارات عبر تركيزه على عبادة البشر للبشر اكثر من تركيزه على عبادة البشر للحجر، لأن الاستبداد السياسي والاستبداد الديني «عبادة البشر للبشر- تبعية الناس المطلقة لسلطة العلماء الدينية والروحية وتبعيتهم لسلطة الامراء والحكام هي السمة الغالبة المفسدة لحياة الناس السياسية والاجتماعية» على النحو الذي سنبينه.