;
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

وطن يصارع الضياع 44

2025-01-18 00:17:31

قرأت إن للضياع أوجه وطقوس، متعددة ومختلفة ومتناقضة، ووجدته أضحى حقيقة في واقعنا الراهن اليوم، حيث ضاع منا وطن تشربنا سماته منذ الطفولة، حلم رددناه كل صباح نشيدا وطنيا من طابور الروضة حتى الجامعة، غُرست فينا بذوره تربية وتعليم، جغرافيا وتاريخ، شعر وأدب، وطنية وفنية وموسيقى ومسرح، تشكل في أفكارنا قيم ومبادئ وأخلاقيات، حملنه في أرواحنا، كمعركة وطنية مستقبلية، نضال وكفاح في وجه القوى التقليدية المتخلفة التي تجرنا بعيدا عن تلك المعركة، وكنا نعرف طريقها ونسير في مسارها، كيف ضعنا وتهنا عن المسار؟

هذا الضياع بكل ما يتصل بيوميات وطني المسلوب، حلمي المغدور، ضياع الهوية والانتماء والتعاطي مع القضية الوطنية الكبرى، بعد ان صرنا نشير بأصبع الاتهام للمشروع الوطني الكبير، ونرتمي في احضان مشاريعنا الصغيرة، حيث ضيق الجغرافيا وضيق التعاطي مع القضايا الانسانية والوطنية، لنتحول لمجرد رعاع في مشاريع الارتهان والتبعية، بل مشاريع استعمارية، كان اسلافنا قد اسقطوها ومرغوا انف الإمامة والمستعمر قبل ان يرحلا مغلوبين مدحورين، تاركين خلفهم سياسة فرق تسد، تتفجر في وجهنا فتن ما ظهر منها وما بطن، فهل عادوا على بساط تلك الفتن، محمولين بالمصابين بها والمغرر بهم، وعدد من الموظفين والمؤهلين كعملاء ومستأجرين، كواهمين وتائهين وسائرين كرعاع خلف ما هو سائد، وراقصين على نغم الطبل والمزمار ونفس الشيطان، للضياع والانهيار التام .

ضاع منا وطن، وانهارت احلامنا، عدن مدينتنا الفاضلة صارت اليوم مدينة اشباح، لا كهرباء ولا ماء ولا اتصالات، لا راتب ولا معيشة، شوارع تكتظ بالمتسولين الجياع الباحثين عن ما يسد رمقهم، وتمر من امامهم السيارات الفاخرة والاطقم المدججة بالأسلحة، تركبها كروشا منتفخة، ونفوسا جشعة تأكل الأخضر واليابس، تعيش في بروج عالية، حولها بطانة فاسدة ترمي لها فتات وبقايا الفساد، تطبل وتزمر، وتعبد الاصنام المنتشر صورها في الشوارع، هذا هو حالنا في عدن واليمن، ضياع في ضياع.

ضياع طال الوطن بكل اركانه شماله وجنوبه شرقه وغربه، مشاريع صغيره تؤسس على إثر اغتيال المشروع الوطني، حيث ضياع مفهوم فكرة الدولة الوطنية، وبات الضياع يطال أركان هذه الدولة، التي تديرها دمى تتحرك بأمر قوى الضياع، واللعب على منهج التناقضات، التي يتم التعاطي معها كنقمة لا نعمه، نقمة تحركت بين اوساط مجتمع جاهل ومتخلف، ويعمل عليها مثقف وأكاديمي وسياسي موظف بالعملة الأجنبية، بعار العمالة والارتهان، عملة أجنبية دمرت قيمة العملة الوطنية، والقيم والمبادئ الوطنية، وأخلاقيات المجتمع والأمة، حيث تتربع قوى فاسدة ومفسدة، لتدير وطن نحو الضياع، والتجزئة لكنتونات للبيع والشراء، للنهب والبسط، للمتاجرة بالقضية والأحلام التي صارت مجرد أرقام في حسابات العصابات.

ضاع وطن وضاعت القيم والمبادئ والأخلاقيات، ضاعت العقيدة الوطنية النضالية للجماهير، بين أروقة التشكيلات السياسية القبلية والعسكرية، في أروقة السلطة المصطنعة، التي لا تعي معنا المنطق الوطني ولا الإنساني، بقدر وعيها بمصالحها، والنتيجة ضياع وتخريب، حيث أصبحت الحيثيات اليومية خربشات لمنصات خطاب منفلت، بعقل تائه وجاهل، وشطط وتهور، وشخيط ونخيط، فضاع كل شيء جميل ورائع، لنرى القبح واقعا، وأضحى الواقع ضياع وغير معلوم ومعروف المعالم، ورؤية ضبابية للمستقبل.

فهل سنرك أحلامنا لهذا الضياع وهذا العبث، أم أننا سنصحو ونجتث تلك الادوات العفنة، ونستعيد احلامنا وقيمنا ومبادئنا، نستعيد ارادتنا لنستعيد وطن، نستعيد انجازات الثورة والجمهورية والديمقراطية، ونعيد التلاحم الوطني ووحدة المصير والإرادة، والله على كل شيئا قدير.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد