;

هل سقطت أسطورة الشارع اللبناني؟ 1214

2006-12-24 20:25:46

قبل نزول حزب الله إلى الشارع كان الاهتمام الإعلامي العربي والدولي كبيراً بهذه الخطوة، وبمجرد مرور الأيام الأولى من التظاهر والاعتصام بدأت الهالة الإعلامية تنطفئ شيئاً فشيئاً، وبدأ اليأس يسري في جسد المعارضة من جدوى الاستمرار في الاعتصام والتظاهر، فلا الحكومة توسعت أو سقطت، ولا حكومة الوحدة الوطنية شكلت، ولا القانون الرئاسي تغير، الذي يعزز نظرية يأس المعارضة أنها أصبحت تستخدم أسلوب الاتهامات المباشرة لحكومة السنيورة، ولعل أفضل دليل على هذا الأمر خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي وجه سلسلة من الاتهامات بحق قيادات سياسية لبنانية، صحيح أن نصر الله لم يسمي تلك القيادات بالاسم، لكن مقولة "اللبيب بالإشارة يفهم" قد يكون لها محل من الإعراب هنا، ولعل ما يميز حسن نصر الله إجادته للإلقاء والأداء الصوتي، وإتقانه أسلوب الإيحاء والرسائل الضمنية، وهو الأسلوب الذي مكنه من استدراج عدد كبير من الأنصار إلى الشارع.

حزب الله استطاع الصيف الماضي إسقاط أسطورة القوة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تتباهى بها، لكنه سقط أيضاً في فخ السياسة اللبنانية المتعددة الدهاليز، ويبدو أن حزب الله لم يحسب حساباً لصمود حكومة السنيورة أمام الضغوط الشعبية للمعارضة، واستطاعت حكومة السنيورة أن تصمد في وجه كل تلك الضغوط، بل واستطاعت حشد عدد لا بأس به من المؤيدين.

ورغم أن المعارضة الآن تهدد باتخاذ خطوات أخرى بحق الحكومة لكن يبدو أن أقوى سلاح سياسي تمتلكه المعارضة تم استخدامه وفشل في تحقيق أهدافها ، ولا أعتقد أن لدى المعارضة سلاحاً سياسياً آخر تستطيع من خلاله إسقاط حكومة السنيورة ، فهذه الحكومة مدعومة من قبل الولايات المتحدة ومن قبل بعض الدول العربية، بل ومدعومة حتى من قبل إسرائيل. إسرائيل بدورها تدرك خطورة سلاح حزب الله وخطورة الدخول في مواجهة جديدة معه، ولذلك فهي تدعم حكومة السنيورة المعتدلة. السلاح السياسي المتبقي لحزب الله هو تعطيل أي محاولة للعودة إلى الوضع السابق، فهي تريد أن تحفظ ماء وجهها بنيل الحد الأدنى من المكاسب السياسية التي تمكنها من التحكم في القرارات السياسية اللبنانية في المستقبل. وستحاول قدر الإمكان أن تمتلك الثلث المعطل في الحكومة في حالة تم إعادة تشكيلها أو توسيعها. أما حديث نصر الله عن حكومة انتقالية تضع قانوناً انتخابياً جديداً تجري بموجبه انتخابات نيابية مبكرة.. فالمرحلة الحالية لا تسمح بإجراء من هذا النوع، لأن تشكيل حكومة انتقالية يعني انقلاب المعارضة على الحكومة، وهو الأمر الذي لن يسمح به المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة وحفاؤها.
اتهام حزب الله حكومة السنيورة بالخيانة أمر خطير جداً قد يجر لبنان إلى ما لا يحمد عقباه، أخطر ما فيه أن الاتهام وجه لقيادات سياسية قامت بتوجيه طلب للإدارة الأميركية بشن حرب على حزب الله وحلفائه في لبنان، ناهيك عن اتهام لا يقل خطورة عن سابقه وهو أن السنيورة أعطى أوامره للجيش اللبناني بمصادرة سلاح المقاومة المتوجه إلى الجنوب أثناء الحرب، خطورة هذا الاتهام جعلت السنيورة يصف نصر الله «بسيد الشتائم» متهما حزب الله بالإعداد لانقلاب سياسي.
الاتهامات بين المعارضة والحكومة بدأت بعد صدور القرار 1701 الذي أدى إلى وقف إطلاق النار، والذي وافق عليه حزب الله رغم تحفظه، لكن الاتهام الأخير من قبل نصر الله خرج عن المألوف فظهر نصر الله لأول مرة متوتراً متعصباً عالي النبرة. سبب ذلك من وجهة نظري أن هناك تحولاً تكتيكياً ومناورة سياسية من المعارضة التي تحولت من موقع المدافع إلى موقع المهاجم، فحزب الله كان يمتلك هذه الاتهامات ، فلماذا لم يوجهها بعد انتهاء الحرب مباشرة؟ ولماذا الآن بالذات؟.
الجواب عن هذين السؤالين هو أن المعارضة كانت تنتظر الوقت المناسب للتحول من الدفاع إلى الهجوم، وكانت تنتظر الوقت المناسب الذي جاء بعد التأكد من أن الولايات المتحدة لن تشن حرباً على إيران بعدما أوصى تقرير «بيكر - هاميلتون» بضرورة الدخول في حوار مع إيران وسوريا، لذلك فحزب الله مطمئن من ناحية الدعم العسكري والسياسي الإيراني الذي يمر عبر سوريا.
المعارضة الآن تبحث عن سلاح سياسي جديد تواجه به المرحلة المقبلة خاصة بعد فشل النزول إلى الشارع في تحقيق أهدافها، وقد تجد في مبادرة الجامعة العربية عصى موسى التي قد تعيد المياه إلى مجاريها بين المعارضة والحكومة، وتوقف السجال السياسي وتبادل الاتهامات، وتخرج لبنان من هذه الدوامة.
jalalfarhi@yahoo.com


 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد